من الرابحون والخاسرون من ارتفاع أسعار النفط والسلع؟

محمد

طاقم الإدارة
مشرف عام
إنضم
May 25, 2020
المشاركات
3,766
مستوى التفاعل
3,988
من الرابحون والخاسرون من ارتفاع أسعار النفط والسلع؟

ربما تعتقد أنَّ شقَّ العالم طريقه للخروج من جائحة كورونا، قد يكون مجرَّد أخبار جيدة للحكومات والاقتصادات. ومع ذلك، فإنَّ الارتفاع في أسعار الطاقة والمعادن والمحاصيل المترتب عليه، يسلط الضوء على نقاط القوة لدى بعضهم، ونقاط ضعف بعضهم الآخر.


قفز النفط 75% منذ بداية نوفمبر 2020 تزامناً مع بدء تطعيم الاقتصادات الكبرى لسكانها، وإعادة فتح أبوابها بعد أن أدَّت الجائحة إلى إغلاق المصانع، وإيقاف الطائرات.


ويجري تداول النحاس، المستخدم في كل شيء بداية من السيارات إلى الغسالات وصولاً إلى توربينات الرياح، عند مستويات شوهدت آخر مرة قبل عقد من الزمان، وقفزت أسعار المواد الغذائية كل شهر منذ مايو العام الماضي.

56137f3f-2f47-4474-be2b-af66c4de4026.jpg


كان هذا الارتفاع نعمة بالنسبة للمصدِّرين، إذ يعدُّ تدفُّق الأموال مصدر ارتياح مرحّباً به لعملاقة قطاع الطاقة مثل المملكة العربية السعودية، وروسيا.


ولكن هناك وجهان للتجارة. تشعر بعض البلدان التي تعتمد على الواردات بضغوط أسواق السندات والعملات. وكلَّف ارتفاع أسعار الوقود رئيس شركة النفط الحكومية البرازيلية خسارة وظيفته، وقادت الأسعار الهند -ثالث أكبر مستورد للخام في العالم- إلى دعوة تحالف "أوبك+" إلى زيادة إنتاج النفط، كما صعد معدَّل التضخم في تركيا إلى أكثر من 15%.


وتتحدَّث مجموعة " غولدمان ساكس" وبعض منافسيها في "وول ستريت" عن دورة صعود فائقة للسلع الجديدة، وهذا يثير مخاوف حدوث تضخم أكثر ضرراً في المستقبل، كما أنَّ الدول الأغنى ليست محصَّنة أيضاً.

وفي المملكة المتحدة، تراجعت الحكومة عن زيادة ضريبة البنزين لئلا تثير غضب السائقين المنهكين جراء الإغلاق الناجم عن الجائحة. وفي الولايات المتحدة، قد تستفيد شركات التنقيب عن النفط في تكساس، ومزارعو حزام الذرة (في منطقة وسط الغرب الأميركي، إذ يستخدم محصول الذرة في إنتاج غاز الميثان)، على الرغم من تعرُّض آخرين، بمن في ذلك أصحاب المليارات في مجال التكنولوجيا للضغط. وناشد إيلون ماسك شركات المناجم لاستخراج المزيد من النيكل، وهو معدن يحتاجه لصنع بطاريات للسيارات الكهربائية لشركة "تسلا".

رابحون

أدَّت عمليات الإغلاق، وتراجع السلع في العام الماضي إلى تأثر أستراليا التي شهدت أوَّل ركود لها منذ ما يقرب من ثلاثة عقود. لكنَّ الحكومة يمكن أن ترى مكاسب غير متوقَّعة في عام 2021. وسجَّلت مبيعات خام الحديد، التي تعدُّ أكبر صادراتها، رقماً قياسياً في شهر ديسمبر الماضي، في حين أنَّ مبيعات القمح تقترب من المستوى نفسه؛ ويكافح مربو الماشية لمواكبة الطلب على لحوم البقر.

كان أداء الدولار الأسترالي أفضل من أيِّ عملة رئيسية أخرى منذ نهاية شهر نوفمبر الماضي، فقد ارتفع بنسبة 5% مقابل الدولار الأمريكي.


ليس كل شيء سهلاً؛ إذ تسبَّب الخلاف الدبلوماسي في حظر الصين للسلع الأسترالية التي تتراوح من الفحم إلى النحاس، والشراب، والكركند (معروف باسم جراد البحر). ومع ذلك، فقد جرى استثناء خام الحديد من الحظر، لأنَّ بكين لا تستطيع الحصول على ما يكفي من مكونات الصلب من أي مكان آخر.


عانت جميع الدول النفطية العام الماضي، لكن برز العراق من بينها؛ فقد انخفض اقتصاده بنحو 11% ، أي أكثر من أي دولة مصدِّرة رئيسية أخرى للنفط، وفقاً لصندوق النقد الدولي. ولم تستطع الحكومة دفع رواتب المعلمين، وموظفي الخدمة المدنية في الوقت المحدد، ونزل العراقيون إلى الشوارع للاحتجاج على انقطاع التيار الكهربائي، وخدمات المستشفيات المتداعية، والطرق المتهالكة، ونقص الوظائف.

خاسرون

قد تكون الصين منتجاً كبيراً لكل شيء بداية من النفط والزنك إلى الغذاء، لكنَّها أيضاً أهم مشترٍ للسلع، وكانت مسؤولة بمفردها تقريباً عن آخر دورة صعود فائقة انتهت قبل عقد تقريباً. ويعدُّ التعافي السريع لثاني أكبر اقتصاد في العالم من تفشي وباء فيروس كورونا أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار الطاقة، والمعادن، والسلع الزراعية هذه المرة.


يمكن فقط أن يستمر الصعود حتى الآن، قبل أن يتدخل الرئيس الصيني شي جين بينغ والحزب الشيوعي الحاكم. وظهر موضوع الأمن الغذائي، وأسعار لحم الخنزير بشكل بارز خلال الحفل البرلماني السنوي في الصين -المؤتمر الشعبي الوطني– خلال هذا الشهر. وأعلنت الحكومة عن خريطة طريق مدَّتها خمس سنوات لتعزيز إنتاج المحاصيل، والثروة الحيوانية.


وباعتبارها أكبر مشترٍ للقمح في العالم، ولأنَّها مستورد صافٍ للنفط؛ فإنَّ مصر تعاني بشدَّة كلما ارتفعت أسعار السلع الأساسية. كما أنَّها حساسة من الناحية السياسية؛ لأنَّ ملايين الأشخاص يعتمدون على الخبز المدعوم. كما اندلعت انتفاضات الربيع العربي قبل عقد من الزمن جزئياً بسبب زيادة تكاليف الغذاء، ما أدَّى للإطاحة بالرئيس حسني مبارك من السلطة الذي حكمها فترة طويلة.

حتى الآن، تمكَّنت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي من كبح جماح التضخم. وتحاول مصر حماية نفسها من ارتفاع تكاليف النفط من خلال شراء المزيد من عقود التحوط في السوق، ولا يزال المستثمرون الأجانب يشترون السندات المحلية. لكنَّ الناتج المحلي الإجمالي سينتعش بنسبة 2.9% فقط هذا العام، وفقاً لمسح أجرته بلومبرغ، شمل عدداً من المحللين، وهو نحو نصف المستوى المتوقَّع للاقتصاد العالمي.


وأثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والوقود بالفعل اضطرابات اجتماعية في باكستان، فقد نظَّمت أحزاب المعارضة مسيرات على مستوى البلاد العام الماضي لمطالبة رئيس الوزراء عمران خان بالاستقالة. وردَّت حكومته بزيادة رواتب موظفي الدولة بنسبة 25% الشهر الماضي.


إذا كانت الدول الكبرى، مثل مصر وباكستان تكافح في ظل دورة صعود السلع، فلا ضرورة للتفكير في الأماكن الأصغر على الخريطة.

 

الاعضاء الذين يشاهدون الموضوع (المجموع: 1, الاعضاء: 0,الزوار: 1)

أعلى