بعد قراءة متأنية لبعض المقالات و الخرائط التي توضح الترسيم الاخير بين مصر و اليونان
نقدر نلخص و نستنتج كام نقطة
أولاً : ليه ترسيم الحدود ينقصه الجزء الشرقي الممتد الى حدود قبرص المائية ؟
و عشان نعرف الاجابة لازم نكون فاهمين قصة
جزيرة كاستيلوريزو
الصورة اعلاه بتوضح مدى قرب الجزيرة من البر التركي
و تعتبر الجزيرة هي اقرب جزيرة يونانية للاراضي التركية " في البحر المتوسط " و تبعد الجزيرة عن البر التركي 2 كم فقط
و هذا الوضع الجغرافي للجزيرة جعل منها محل نزاع تركي يوناني منذ سنوات بعيدة عكس بعض مناطق التماس التركي اليوناني في باقي الجزر في بحر ايجة .
و بعد اكتشافات الغاز الاخيرة في المتوسط ، اصبحت الجزيرة في قلب الصراع التركي اليوناني ـ بعد قبرص بالطبع ـ و اصبحت بؤرة مناوشات تركية يونانية اخرها محاولة تركيا للمسح السيزيمي جنوب و غرب الجزيرة و هو ماتعتبره اليونان مياهاً اقتصادية خالصة لها ، و على الجانب الاخر تتشاطئ الجزيرة البحر المتوسط مع مصر جنوباً ، مما جعل تلك الجزيرة
مفتاح ترسيم الحدود البحرية الاقتصادية المصرية اليونانية التركية
ـ ارتأت البلدان مصر و اليونان على حدٍ سواء ، ان يتم ارجاء ترسيم الحدود البحرية في نقاط تماس تلك الجزيرة مع البر المصري ، لماذا ؟
1ـ لعدم حدوث تصعيد يوناني تركي خصوصاً ان الجزيرة و منطقتها الاقتصادية محل نزاع ربما يؤدي لنزاع عسكري اوروبي و اقليمي يُلام الدولتان " مصر و اليونان " انهما السبب فيه .
2 ـ فتح باب خلفي و خط رجعة للاتراك للتفاوض مع اليونانيين في اطار تسوية شاملة ربما تشمل اعطاء جزء من عاءدات الغاز القبرصي للشطر التركي المزعوم
3 ـ ترك عدم ترسيم حدود تلك المنطقة كورقة ضغط على رقبة تركيا ، في اي مساومات او نزاع ربما يتم التلويح به فيما بعد " لا تحرق كل اوراق التفاوض مرة واحدة "
4 ـ ضماناً لخلو اتفاقية الترسيم لاي اسباب تمنع او تشوش على توثيقها في الامم المتحدة ، بحجة اثارة نزاع او غيره
لذا كان من العقل و الدهاء الاكتفاء برسم الحدود البحرية المباشرة بين اليونان و جزيرة كريت من جهة و مصر من جهة , و ارجاء الجزء المتنازع عليه مع تركيا
ثانياً : هل حازت مصر اكبر من حقها الافتراضي في الترسيم الجديد ؟
كل المقارنات بين الترسيم الافتراضي و الترسيم الذي تم امس ، يؤكد ان مصر قد نجحت في زحزحة خط حدودها الاقتصادية و زيادة مساحة مياهها الاقتصادية ، و لكن مهلاً ، فاليونان ايضاً استفاد من هذه الخطوة ، كيف ذلك ؟
في الخريطة اعلاه الناتجة عن الاتفاق المزعوم بين تركيا و السراج
يتضح لنا كيف تقاطع هذا الاتفاق مع كل مبادئ المنطق و العقل قبل ان يتنافى مع القانون الدولي للبحار
و يتضح لنا ان الاتفاق لم يقترب و لم يؤثر على حدود مصر الاقتصادية على الاطلاق بل اقتطع الاتفاق حدود اليونان الاقتصادية المتمثلة في جزيرة كريت و افترض انها غير موجودة على الخريطة ، و بالتالي اليونان هو المتضرر الوحيد من تلك الاتفاقية " حتى الان "
و لكن بعد الترسيم المصري اليوناني امس
اصبحت اتفاقية تركيا ـ السراج تتقاطع بشكل مباشر مع حدود مصر الاقتصادية المصرية ايضاً و ليس اليونانية فقط كما يوضح الشكل التالي :
و للتوضيح اكتر ، انظر الى المثلث المشار اليه بالسهم الاحمر في الشكل التالي :
هذا المثلث هو منطقة التقاطع بين اتفاقية تركيا ـ السراج مع المياه الاقتصادية الخالصة لمصر طبقاً للترسيم المصري اليوناني امس
و بالتالي اصبحت مصر رسمياً ، متضررة من اتفاقية تركيا ـ السراج بعد ان كانت اليونان وحدها المتضرر المباشر و هذا مكسب لليونان بالقطع .
ثالثاً : الخلاصة
ترسيم الحدود المصرية اليونانية بهذه الكيفية اثبت ان مصر و اليونان مارسا قمة الدهاء و قمة العقل في هذه الاتفاقية ، و نتيجة لهذه الاتفاقية :
ـ فاز الدولتان باتفاقية تتيح لهم ممارسة اعمال التنقيب في مياههم الاقتصادية
ـ فاز الدولتان بإمكانية انشاء مشاريع مستقبلية لتمديد انابيب الغاز عبر حدود بحرية مشتركة دون تقاطع مع حدود بحرية لطرف تالت و هو هدف كانت تسعى له تركيا بإتفاقها المزعوم مع السراج لتقليل فرص مصر لتصدير الغاز لأوروبا عبر اليونان
ـ فازت اليونان بأدخال مصر كطرف متضرر مباشر من اتفاقية تركيا ـ السراج
ـ فازت مصر بزيادة مساحة مياهها الاقتصادية
ـ تجنب الدولتان اي شوائب يمكنها ان تعطل توثيق الاتفاقية في الامم المتحدة و الاهم تجنب الدولتان اي اعتراض دولي بخصوص اثر الاتفاقية على الصراع في شرق المتوسط
ـ احتفظ الدولتان بورقة ضغط " جزيرة كاستيلوريزو " على رقبة تركيا ، يمكن اللعب بها فيما بعد في اي تسوية او تصعيد
ـ ضربا الدولتان بإتفاقية تركيا ـ السراج عرض الحائط و اصبحت هي و مقالب النفايات سواء
و لم يبقى لتركيا اي تشاطؤ مزعوم مع ليبيا سوى ما عبر عنه خيال صاحب هذ الخريطة بالخط المرسوم بين تركيا و طرابلس