هنالك فارق ضخم بين حسابات الجغرافيا التي تفرض أن تذهب مصر وتركيا إلى اجتماع إقليمي أو دولي مشترك حول ليبيا كما جلس الرئيسين عبد الفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان وجهًا لوجه في مؤتمر برلين الخاص بليبيا يناير 2020، أو حتى أن تجلس أطراف مصرية وتركية في منتدى للغاز والطاقة أو اجتماع لشركة أمريكية تستثمر في غاز المتوسط، وبين ان يتم رفع مستوي اللقاءات بين الطرفين إلى ما هو اعلى من ذلك.
إن التقديرات والمعطيات لا تشير إلى ما هو ابعد من جلسات في مؤتمر إقليمي أو منتدى دولي من اجل ان تحفظ مصر حقوقها في غاز المتوسط أو دورها في الملفات الإقليمية ولا تتغيب بما يسمح لتركيا بملء هذا الدور والمكان والمكانة، ولكن دون طي صفحة خلافات ما بعد 30 يونيو 2013، إذ إن تركيا تعدت الخط الأحمر فيما يتعلق بدعم الإرهاب والجماعات الإرهابية ومخططات قلب نظام الحكم وتحويل مصر إلى إحدى دول الفوضى الخلاقة، إلى جانب ثأر الشعب المصري الذى لن يسقط بعد طوابير شهداء المصريين في صفوف الجيش والشرطة والقضاء والمصليين في الكنائس وحتى المساجد التي استهدفها الإرهاب في سيناء.
وإذا كانت مصر لديها تحفظات لا تنتهي على السلوك التركي، فإن تركيا أردوغان بدورها مهما حاولت التفاعل مع القاهرة، فإن المشروع التركي في أساسه وطبيعته مضاد للحالة المصرية والصعود المصري، وهو إرث لا يعود إلى الاحتلال العثماني لمصر ثم كسر ظهر الدولة العثمانية في سنوات محمد على باشا فحسب، بل أيضًا يعود إلى أربع حروب مصرية عثمانية في زمن المماليك كان فيها الانتصار حليفًا لمصر، ما جعل مصر هي عقدة الدولة العثمانية وعقدة الإرث العثماني.