اللمسات الأمريكية في اختراق خاركييف وعمق الاستراتيجيات الروسية

الصيد الثمين

خبراء المنتدى
إنضم
Apr 26, 2022
المشاركات
932
مستوى التفاعل
724
اللمسات الأمريكية في اختراق خاركييف وعمق الاستراتيجيات الروسية


الاختراق الأوكراني في خاركييف واستعادة هذا الإقليم من ايدي الروس بوقت قياسي، جعل الكثير من المحللين الاستراتيجيين ومحللين الخبر المؤيدين للروس منهم والحياديين يقعون في حيرة وشك حول حقيقة مستوى قدرات القوات الروسية، أمام تطور قدرات القوات الأوكرانية القتالية والتسليحية.

وفسر البعض منهم أن هذا النجاح الأوكراني المفاجئ الاستراتيجي، أن سببه كان عبارة عن لمسات أمريكية واضحة شبه مباشرة بتلك العملية الخاصة الأوكرانية، وذلك من الناحية الاستخباراتية والقيادية والتجهيزية وحتى من الناحية العسكرية، كما شمل ذلك عملية التدريب البريطاني التأسيسية للقوة المختارة من النخبة الأوكرانية التي قوامها 9000 محارب أوكراني، والتي كانت تحت إشراف وتوجيه من البنتاغون وتنسيق مع المخابرات الأمريكية.

وأخر المعلومات أن سيناريوهات الهجوم الأوكراني تم إخضاعه لمحاكات إلكترونية للواقع الافتراضي، والحساب لكافة الأفعال وردود الأفعال الدفاعية الروسية.

وتم مراقبة الجبهات الروسية جميعها بواسطة الأقمار الصناعية الأمريكية ولأدق التفاصيل الكشفية، لاختيار الجبهة المناسبة للهجوم الرئيسي.

لكن المفاجأة الصارخة والفعلية التي تتجلى لنا يوم بعد يوم أن 90% من هذه الترتيبات والتجهيزات والخطط الأمريكية كانت غالباً تم الاطلاع عليها من طرف المخابرات العسكرية الروسية بمشاركة المخابرات الفيدرالية الخارجية.

وقامت المخابرات الروسية العسكرية بالتنسيق مع رئاسة الأركان الروسية، بترتيب الخطة الحربية للمخابرات الأمريكية!

نعم حصل ذلك عندما صدرت الأوامر القيادية بإخلاء فرقتين من أفضل الفرق الدفاعية الروسية في خاركييف، مدرعة وميكانيكية، مع كامل عتادها الثقيل، مع أفواج الدفاع الجوي الطبقية وأكثر أفواج الدفاع الجوي المركزية والميدانية، وافواج المدفعية الذاتية الحركة الخاصة بهذه الفرق الحركية، وتم نقلها لتعزيز جبهة خيرسون.

وبقي بالساحة الدفاعية في إقليم خاركوف، فرقة مشاة بنادق آلية روسية، وبعض التشكيلات الانفصالية، وتم تحويلها إلى فرقة مشاة ميكانيكية بنقل مئات الآليات المدرعة بينها 200 دبابة، ولكن ليست قديمة أو متقادمة، إنما منسقة سحبت من مقابر العتاد السوفيتي، وأعيد تأهيلها بشكل مناسب لاحتواء المخطط الأوكراني الاستباقي العميق بالقذائف المباعدة الذكية بأقل خسائر بالعتاد الروسي العامل، بشكل متقن يتم من خلاله خداع الأوكران والأمريكان معاً، بأسلحة بالأصل كانت سوف تقطع وتتلف وتحتاج لإنجاز ذلك لميزانية!

وكانت الغاية الرئيسية من إخراج الروس للعتاد الثقيل من مقابر الآليات المنسقة والتي كان فيها أو من بينها الأجيال الأولى من دبابات تي 72 السوفيتية، تم تزيفها بتجهيزات بطريقة خارجية من دروع سلبية وردية هيكلية على أنها عاملة وفعالة وفق نظرية التقنيع "ماسكيروفكا" السوفيتية، وكل ذلك لاحتواء وإغراء صواريخ هيمارس الجديدة الفائقة الدقة والذكاء البعيدة المدى وقذائف إكسكاليبور الذكية الخاصة بمدفعية المارينز ام ترابل سفن، وربما صواريخ بريمستون البريطانية المعدلة المدى حتى 80 كم.

وهذه القذائف المتطورة يتم تحديد أهدافها وتوجيهها بالأقمار الصناعية الأمريكية للعمل وفق مبدئ أطلق وأنسى، أو مبدئ أكثر تطور وموثوقية وهو مبدأ "أطلق تصب"، وذلك بواسطة صواريخ جوالة ألمانية من نوع JSF-M التي من المفترض أن تكون لا زالت في الأطوار التجريبية وليست الإنتاجية تقوم هذه الصواريخ الفائقة التطور بالتجول والتسكع فوق دائرة التهديف لكشف أهداف لم تكشفها أو ترصدها الأقمار الصناعية أثناء إطلاقها وتجوالها لتكشفها وتتعامل معها.

الخطأ الروسي التكتيكي:

الخطة الروسية الدفاعية ضد الهجمات الأوكرانية الخاطفة كانت مدروسة تماماً وهي على عدة مراحل الأولى امتصاص الصدمة الأولى الهجومية الأوكرانية وإعادة تنظيم الصفوف بتغطية جوية يتبعها نيران مدفعية مقطورة وليس ذاتية الحركة وأخرى صاروخية دائمة الحركة ومتغيرة المواضع.

والسبب أنها مدافع ميدانية مقطورة وليست متحركة لأنها أكثر نجاة من القذائف الذكية المباعدة لأن الآلات لها عند القذائف الذكية الأفضلية وهو ما يمنح الطاقم فرص الاخفاء للمدافع والاختفاء للطواقم بعيداً عن المدفعية، كما أن سحبها حين الانسحاب يكون بتعليقها بالحوامات ونقلها بطريقة سريعة وحيوية.

ونعود لصلب الموضوع فإنه يتبع المرحلة الأولى بالجبهة الروسية الانسحاب إلى البيئة الحضرية داخل المدن والبلدات والقرى وإعادة التموضع هناك لأنها أفضل للدفاع وفق التجربة الروسية مع الأوكران، إلا أن الخوف من التطويق الأوكراني للمدن والعزل جعل القيادة الروسية تعطي أوامر للقوات المدافعة الروسية بالانسحاب المتدرج تحت غطاء المدفعية والقوى الجوية، إلا أنه على ما يبدو أن صليات من القذائف الصاروخية والمدفعية الذكية المباعدة جديدة أطلقت، وعادت تطلق لتستهدف العتاد الروسي الثقيل المدرع من أقسامه العلوية كما يفعل صاروخ جافلين ولكن بقدرة وفتك أكبر ومن مسافات بعيدة هجومية غير منظورة وهو ما يخلق مفاجأة ومباغتة يصعب الاحتراز منها وتفاديها، والتي كانت بذلك أكثر أثر نفسي وفاعلية، وهو ما تسبب مع تسللات الكوماندوس الأوكراني بقيادة مصاحبة لقوات ساس الخاصة البريطانية التي تدير نيران الدونات الضاربة ونيران المدفعية، بخلق الفوضى والارباك والعشوائية وغوغائية بالانسحاب جعل هذه القوات الروسية عرضة أكثر للضرر وتضخم الإصابات الروسية، ومكن الأوكران من أسر عدد من الروس أزلوهم وأهانوهم بطريقة أثارت حفيظة الشعب الروسي وحركت ألسنة الساسة الروس وخلقت اختلافات تحليلية لدى القيادات الروسية ومنهم قدروف الذي تكلم على أخطاء الانسحاب التكتيكي الروسي، وأُثنى بذات الوقت على فكرة الانسحاب من خاركييف وإنقاذ الروس من هلاك محقق جراء الحصار والعزل وتفوق القوات الأوكرانية بالعدد وحجم العتاد.

وبعد إتمام الانسحاب قام الروس بإنشاء خط دفاع موازي لمنطقة انتشار القوات الأوكرانية في خاركييف وهذا الخط جنوب خاركييف أي في إقليم الدونباس وذلك لتعزيز الدفاع عن الدونباس وإنشاء خط ارتداد يؤرق الوجود الأوكراني في خاركييف، ومصدر لإطلاق النيران المدفعية التي تستهدف التجمعات الأوكرانية والبنية التحتية مع الضربات الجوية والضربات الصاروخية التكتيكية الليلية المباغتة.

الأهداف الاستراتيجيات المستقبلية الروسية:

إن الهدف الاستراتيجي الأهم للروس من تكتيك الانسحاب الروسي من خاركييف، هو أنه طعم جر الأوكران للدخول لاحقاً بمذبحة جماعية، إلا أن هذا التكتيك تأخر قليلاً لمواقتته مع عملية خيرسون فأوكرانيا اليوم تحشد قوات كبيرة شمال خيرسون على أمل تكرار سيناريو خاركييف.

وكنت أتوقع أن تستخدم روسيا أبو القنابل الحراري لإبادة تلك التجمعات الجديدة، إن لم يكن قريب منها أماكن حضرية كي لا ترفع روسيا من فاتورة الخسائر المدنية، إلا أن الروس على ما يبدو لجئوا إلى تكتيك الإغراق المائي وربما الإجراءين معاً، فأحدثوا حالياً خروقات بالسد المائي بواسطة صواريخ إسكندر التكتيكية البالستية، دون الإغراق التام، وأتوقع أن يتم تدمير السد بالكامل بواسطة صواريخ كينجال الفائقة الدقة والسرعة الفرط صوتية.

أما إجراء روسيا المتوقع مع الأوكران في خاركييف، هو بعد تدمير البنية التحتية للقوات المهاجمة الأوكرانية يكمن في تكثيف الضربات الجوية والمدفعية بشكل مفرط وزيادة الضربات الصاروخية الليلة المباغتة للسكنات العسكرية في الأماكن الحضرية وكذلك مراكز القيادة والسيطرة ومستودعات الأسلحة والوقود التي يتم تحديدها من قِبل المخابرات العسكرية الروسية، والتكثيف بالضربات سوف يتركز شيئاً فشيئاً على التواجدات والتشكيلات خارج الأماكن الحضرية لوقف نشاطاتها الهجومية خاصة بعد محاولة هذه القوات الهجوم على شريط دونباس الدفاعي بطريقة استطلاعية، والذي قوبل بمقاومة أسطورية حولت ذلك الهجوم إلى مقبرة جماعية.

ومن ناحية أخرى روسيا تريد إدخال الأوكران إلى داخل المدن في خاركوف ليسهل عليها تنفيذ أكبر إنزالات روسية مظلية والتي ممكن أن يصل عددها إلى 45000 مظلي في الأماكن يسبقها إليها عملية اقتحام جوي بالحوامات القتالية ليصل عدد المقتحمين 15000 محارب محترف بالقتال بالأماكن المفتوحة والأماكن الحضري، وهذه القوة الأخيرة من مهامها تأمين الانزال الأمن للقوات المظلية، ثم سحق وأسر القوات المنتخبة الأوكرانية بمشاركة القوات المحترفة المظلية داخل أماكن اختبائها الحضرية، وهذه القوة المظلية سوف تكون مكونة من 30000 ألف محارب هم الفيلق الثالث اقتحام المتطوع، والذي قد يكون مكون من تشكيلات مشاة بنادق آلية أو قوات مشاة ميكانيكية أو خليط بين الإثنين، إضافة إلى 15000 من قوات الحرس الوطني الروسية GTA العالي الاحتراف القتالي في البيئات الحضرية، وقوات الاقتحام الجوي غالباً سوف تكون من النخبة الأمينة الشيشانية.

فوفقا لأخر الأخبار فإن روسيا قررت تعزيز قواتها في أوكرانيا بقوات قوامها 85000 مقاتل منها ما ذكرنا أعلاه إضافة إلى 15000 محارب غالباً سوف يكونوا من قوات التدخل السريع المجوقلة الاقتحامية VDV، سوف تنشر إما في خيرسون أو الدونباس وعشرة آلاف هي أفواج مدفعية ميدانية وصاروخية، وأفواج دفاع جوي والباقي أفواج صيانة وأفواج لوجستية.



خلاصة الأهداف الروسية:

أولاً استقطاب خيرة النخبة الأوكرانية إلى فخ أو منطقة كمين يتم التمهيد لتنفيذه ببرنامج عسكري يومي إضعافي، قبل تنفيذ عملياته النهائية.

ثانياً احتجاز هذه النخبة القتالية الأوكرانية في مكان معين تسبب في إضعاف باقي الجبهات الأوكرانية المقابلة لأماكن السيطرة الروسية، وحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات الارتدادية الدفاعية، حتى أن الحشد الهجومي الضخم الجديد في خيرسون تبين أن أكثر قواته ضعيفة من الناحية التدريبية والتجارب الميدانية، كما أن الشتات الأوكراني الكبير على مساحة كبيرة أضعفها بالإجمال رغم ضخامتها العددية، فوفقاً لقواعد كتاب الحرب الصيني الشهير فالقاعدة العسكرية المجربة تقول: "أن تنتشر قواتك في كل مكان، يعني أن تضعف في كل مكان".

وهذا كان أحد الأهداف الاستراتيجية للروس في مرحلة حصار المدن الكبرى، وهو استقطاب قوات النخبة الأوكرانية لداخل المدن الكبرى الرئيسية، لإضعاف الجبهة المقابلة الأوكرانية في إقليم دونباس وقد نجحوا وكان من الممكن أن ينجحوا بالمدن الكبرى من قبل، لو ركزوا على استخدام تشكيلات مشاة البنادق الراجلة المحترفة بدل الاعتماد على مجموعات الكتائب التكتيكية والتي تم تقيد قدرتها النارية الشديدة بأسباب وعوائق سياسية.

ومن نتائج عملية التشتيت للقوات المدافعة الأوكرانية واستقطاب نخبتها القتالية نحو خاركييف، إعادة تنشيط الهجمات الروسية في جمهورية دونيتسك ولكن بالقوات الانفصالية الأضعف من التشكيلات القتالية الروسية، بسبب النقص الحاد لقوات النخبة الأوكرانية، وعدم الحاجة الشديدة لوجود القوات الميدانية الروسية التي يتم تركيزها بالمواضع الدفاعية.

ونتيجة هول الاستنزاف الروسي للبنية التحتية الأوكرانية لقوات النخبة القتالية في خاركوف نفذت تلك القوات الأوكرانية هجوم ثاني كبير نحو الجبهة الدونباس جنوب خاركييف، فتم استهداف مقدمة الهجوم هذه المرة براجمات الموت توس المدرعة المرعبة المعروفة بلهيب الشمس "سولنتسيبيوك" التي تطلق القذائف الفراغية الحرارية، وتبع ذلك صليات هجومية من حوامات التمساح الروسي وحوامات القاتل المتسلسل مي 35 الهجومية الناقلة للجند الاقتحامية الاحترافية، واسفر عن ذلك تدمير العشرات من المدرعات والآليات المهاجمة وقتل المئات وتحيد وأسر الآلاف من القوات المهاجمة الأوكرانية.

ويبدو أن أمريكا اليوم شعرت بحجم الفخ الروسي الذي وقعت به، ودهاء بوتين وعبقرية تخطيط دائرة بوتين الاستشارية العسكرية المخططة لتلك الخطط الاستراتيجية.

فقررت قطع الرأس وحاولت أن تغتال بوتين، الذي ردت أجهزة أمنه الخارجية وبشكل مزامن تقريباً بعملية بنفس القدر لموكب زيلينسكي.
 

الاعضاء الذين يشاهدون الموضوع (المجموع: 1, الاعضاء: 0,الزوار: 1)

أعلى