الخطوبة ضوابط شرعية

إنضم
Dec 3, 2022
المشاركات
131
مستوى التفاعل
35
المبحث الثالث: أحكام وآداب متعلقة أثناء الرؤية:


maxresdefault.jpg



هناك عدة ضوابط أثناء رؤية الخاطب يجب الالتزام بها وأيضًا مسائل متعلقة بها ولتسهيل تناولها أضعها في النقاط التالية:

1- (الخطبة على خطبة أخيه):

إذا خُطبت المرأة وعلم بذلك الخاطب الثاني وقد أجيب الأول حرم على الثاني أن يتقدم للخطبة إلا أن يدع الأول أو يأذن له وعلى هذا جمهور الفقهاء

لحديث ابن عمر: (نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، ولا يَخْطُبَ الرَّجُلُ علَى خِطْبَةِ أخِيهِ، حتَّى يَتْرُكَ الخاطِبُ قَبْلَهُ أوْ يَأْذَنَ له الخاطِبُ)

وقد (وَحَكَى النَّوَوِيُّ الإْجْمَاعَ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ فِي الْحَدِيثِ لِلتَّحْرِيمِ)

وهذا المنع من باب توطيد المحبة بين المسلمين وقطع شر التنازع فيما بينهم، وفيه سلوك طريق المرؤة والحشمة وحفظ أعراض الناس من التعدي عليها.

2- (الخلوة بالمخطوبة):

♦ المخطوبة أجنبية من الخاطب ومن الأمور المقررة في الشريعة تحريم الزنا، وتحريم دواعيه، ومن ذلك تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية، ونُقل الإجماع على ذلك.. قال النووي: (وأما إذا خلا الأجنبي بالأجنبية من غير ثالث معهما، فحرام باتفاق العلماء") وقال ابن حجر: (منع الخلوة بالأجنبية، وهو إجماع)

. واستند هذا الإجماع على أدلة منها: أ- حديث ابن عباس: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامْرَأَةٍ، ولا تُسافِرَنَّ امْرَأَةٌ إلَّا ومعها مَحْرَمٌ) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فأما مؤاخاة الرجال النساء الأجانب، وخلوهم بهن، ونظرهم إلى الزينة الباطنة منهن: فهذا حرام باتفاق المسلمين)

ب- حديث جابر: (من كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يَخْلُوَنَّ بامرأةٍ ليس معها ذُو مَحْرَمٍ منها فإن ثالثَهما الشيطانُ)

♦ من هنا يجب على الخاطب أن يبدأ في حياته الأسرية بتقوى الله ودخول الأمر من بابه الذي شرعه الله فلا يخلو ولا تخرج مع خاطب امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر بأغراض فاسدة كالتعرف على الطبع ونحوه، وهذا بداية رسم حياة أسرية صحيحة ألا يرتكب في الخطبة ما حرم الله، ثم أن الخلوة قد يحدث فيها ما لا يحمد عقباه من أصحاب النفوس الضعيفة الذين ليس لهم إلا انتهاك الأعراض فحري بأصحاب الولاية أن يحرصوا كل الحرص أن لا يخلو أحد بموليته فهي أمانة في عنقه ويلزم أن يحمل مسألة زواجها محمل الشرع.


3- اشْتَرَطَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) لِمَشْرُوعِيَّةِ النَّظَرِ

أَنْ يَكُونَ النَّاظِرُ إِلَى الْمَرْأَةِ مُرِيدًا نِكَاحَهَا، وَأَنْ يَرْجُوَ الإْجَابَةَ رَجَاءً ظَاهِرًا، أَوْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُجَابُ إِلَى نِكَاحِهَا، أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ الإجَابَةُ. وَاكْتَفَى الْحَنَفِيَّةُ بِاشْتِرَاطِ إِرَادَةِ نِكَاحِهَا فَقَطْ

فلا يجوز للخاطب النظر للمخطوبة إلا وقد غلب على ظنه موافقتهم عليه، ولا يجوز للمخطوبة أن تخرج لينظر إليها إذا لم يكن لها رغبة أصلًا في الخطبة، لأن مسألة النظر هذه مرتبطة بقضية غلبة الظن حدوث مقصدها وهو النكاح فإذا لم يكن هناك عزم من كلا الطرفين أو أحدهما لم يكن لهذا النظر مشروعية.


4- لا يجوز النظر نظرة تلذذ وشهوة أثناء النظر إلى المخطوبة

قال الإمام أحمد – رحمه الله – في رواية صالح: ((ينظر إلى الوجه ولا يكون عن طريق اللذة)

، وعند المالكية: قالوا: (مَنْ أُبِيحَ لَهُ النَّظَرُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَصْدُ اللَّذَّةِ)

فالنظر قصد منه تلبية حاجة النفس لقبول هذه المخطوبة وما تجاوز هذا القصد فلا يجوز لأن هذه المخطوبة ليست موضع شهوة مباحة له فيلزمه أن يكتفي بما أبيح له، ولذا النظرة التي تبدأ تحرك الغرائز والشهوة قد تجاوزت الحد المطلوب فعلى الخاطب أن يكفها فقدر الحاجة قد تجاوز، وهذه صيانة داخلية للقلب يعالجها إيمان الشخص وتقواه، ولذا اشترط الحنابلة لإباحة النظر أمن الفتنة وخالفهم في ذلك المذاهب الثلاثة، ولعل أن يقال الشيء الذي لا يستطيع الإنسان دفعه كمن نظر فثارت شهوته دون رغبة منه وعزم فلا بأس ٌلمطلق أحاديث النظر دون شرط، ويقطعها حتى لا يدخل في الحرام بصرف النظر ولذا قال الحنابلة (وَيُكَرِّرُهُ) أَيْ النَّظَرَ (وَيَتَأَمَّلُ الْمَحَاسِنَ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ إنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ مِنْ الْمَرْأَةِ)

5- (مقدار النظر وتكراره):

♦ يجوز تكرار النظر قال الرملي: ((وَلَهُ تَكْرِيرُ نَظَرِهِ) وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فِيمَا يَظْهَرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ هَيْئَتُهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اكْتَفَى بِنَظْرَةٍ حَرُمَ مَا زَادَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ نَظَرٌ أُبِيحَ لِضَرُورَةٍ فَلْيَتَقَيَّدْ بِهَا، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَخَافَ الْفِتْنَةِ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ)

، وقال في كشاف القناع: (وَيُكَرِّرُهُ) أَيْ النَّظَرَ (وَيَتَأَمَّلُ الْمَحَاسِنَ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ إنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ مِنْ الْمَرْأَةِ)

وعند الأحناف: (وَتَقْيِيدُ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَا كَانَ لِحَاجَةٍ أَنَّهُ لَوْ اكْتَفَى بِالنَّظَرِ إلَيْهَا بِمَرَّةٍ حَرُمَ الزَّائِدُ لِأَنَّهُ أُبِيحَ لِضَرُورَةٍ فَيَتَقَيَّدُ بِهَا)

، وعليه (" يَجُوزُ تَكْرَارُ النَّظَرِ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ لِيَتَبَيَّنَ هيئتها، فَلاَ يَنْدَمُ بَعْدَ النِّكَاحِ، إِذْ لاَ يَحْصُل الْغَرَضُ غَالِبًا بِأَوَّل نَظْرَةٍ ")

واستدل من قال بجواز تكرار النظر بحديث سهل بن سعد: (أنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، جِئْتُ لأهَبَ لكَ نَفْسِي، فَنَظَرَ إلَيْهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَصَعَّدَ النَّظَرَ إلَيْهَا وصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ... )

من هنا نقول النظر إلى المخطوبة يحتاج أحيانًا لتكرار من أجل حصول المقصد وهو ما يرغب الخاطب فيها، وهذا حاصل بالتكرار فلا بأس، لكن إذا اكتفى بحيث وجد الرغبة أو عدمها فقد طأطأ النبي صلى الله عليه وسلم رأسه ولم يعد النظر، ولذا يحذر من هذا الباب حذرًا شديدًا فلا يعني إباحة النظر وتكراره معلم سيراميك جعله وسيلة لاقتحام الأعين على المحارم بدون مسوغ شرعي.
 

الاعضاء الذين يشاهدون الموضوع (المجموع: 1, الاعضاء: 0,الزوار: 1)

أعلى