الحرب المصريــة - العثمانيــة

محمد789456123

عضو مميز
إنضم
May 15, 2020
المشاركات
717
مستوى التفاعل
1,125
فتح عكــــــــــــــا 1832
حصار عكا 1831

كانت عكة محصنة بأسوار متينة وتحميها عدة أبراج من الشرق والشمال . أما من جهة البحر فكانت الأسوار أقل متانة من السوار القائمة من جهة البر . والمياه المجاورة لها قليلة العمق لا تسمح للسفن الكبيرة بالرسو على مقربة منها . وكانت جميع الحصون في حالة جيدة . وقد وصفت حصون عكاء في كثير من الكتب المعاصرة . وممن تناولها بالإفاضة الأستاذ أسد رستم . وكانت حامية المدينة مؤلفة من ثلاثة ألاف مقاتل ومعهم مدفعية قوية وكميات وفيرة من المؤن والذخيرة والمياه والطعام , تكفي الحامية لحصار طويل الأمد . وبالإختصار كانت استحكامات عكا غاية في المنعة بعد الإصلاح الذي شملها عقب انسحاب الفرنسيين منها .

وفي يوم 26 نوفمبر (1831) استهل إبراهيم باشا محاصرة عكا فاستبسلت حاميتها في الدفاع عنها – وقد امتاز العكاويون بروح قتال وبمعنوية عالية إلى نهاية القتال – وانتصرت حامية بعض الأبراج على المصريين ، مما حدا إبراهيم باشا أن يطلق نيران مدفعيته علهيا أياما متواليات لكن بدون جدوى . وفي هذه الأثناء أرسل محمد علي إلى عكا مهندسا قديرا تولى إدارة أعمال الحصار بكل دقة . وقد تمكن المصريون . بالرغم من شدة مقاومة الحامية ، من فتح ثغرتين في الجهة الشرقية من السور ، وأمطروا المدينة وابلا من القنابل والرصاص ، برا وبحرا ، فجريت المدينة ومات الكثيرون من رجالها . ومع ذلك استمرت تدافع بكل شجاعة . وصبت المدافع المصرية النيران على أسرارها ونجحت في فتح ثلاث ثغرات ولكن بدون أثر . وفي خلال تبادل النيران أصيبت بعض السفن بتلف كبير ، الشيء الذي دفع إبراهيم باشا على القيام بهجوم عام . ولكن قبيل شروعه في تنفيذ خطته دعا عبدالله باشا إلى التسليم فأبى . استعصمت عكا على الجيش المصري ، وانقضت ثلاثة أشهر بدون معارك تستحق الذكر ، فارتأى إبراهيم باشا الصمود قبالتها بينما تقدمت بعض وحداته – كما قلنا – واستولت على صور وصيدا وبيروت وطرابلس في الشمال . ولما وضح فوز ابراهيم باشا العسكري ، وتقدمه الخاطف ، واستيلائه على ثغور الشام الخرى ، وهي مفاتيح ينفذ منها الفاتح إلى داخلية البلاد .


معركة الزراعة

قدر إبراهيم باشا موقفه فرأى أنه لايبعد كثيرا عن عكاء . ولذلك ارتأى أن يترك حمص حيث لايتوفر العيش والمؤنة لجيشه ، واعتل وادي الأورنت (العاصي) حتى وصل إلى خان قصير ، حيث عسكرت قواته إلى الشرق في سهل الزراعة .

توهم عثمان باشا أن تراجع إبراهيم باشا عن حمص علامة ضعفه ، فجمع إلى قواته حشدا من أهالي المنطقة والأكراد وفرسان العرب بلغ عددهم 15.000 مقاتل ، وساربهم لمقاتلة إبراهيم باشا ، وكان هذا قد دبر له الخطة الناجحة وقسم قواته إلى قولين ، وحشد خلف كل منها مدفعيته في أماكن مستورة عن بصر العدو . وخدع خصمه وأوهمه أنه سيلزم الدفاع . فانخدع القائد العثماني وهجم بكل وحداته على القولين فلبثت هذه صامتة حتى إذا صار الأعداء على سمافة قريبة ارتد المصريون بسرعة عجيبة خلف المدافع وبمجرد انتهاء الارتداد طفقت المدافع نصب حممها . فحصدت المهاجمين حصدا ، ووقعت بهم الخسائر ، واختل نظامهم وسادهم الهرج ، وفي وقت قصير تفوق جميعه ، وارتدوا خائبين . فطاردتهم الفرسان المصريون حتى دفعوا بهم إلى نهر الأورنت ومن نجا منهم مات غرقا.

انتهت معركة الزراعة (14 إبريل 1832) بهزيمة الجيش التركي ، وارتد عثمان باشا إلى حماه ، وبقي فيها يرتقب وصول الإمداد .

وعاد إبراهيم باشا إلى بعلبك ليستعد لجولة أخرى . وفيها التقى بإبن أخيه عباس باشا ، الذي استدعاه من عكا على رأس الآلاي الثاني عشر المشاة والآلاي الخيالة الثالث وثلاث بطريات


أهمية موقع بعلبك

تقع مدينة بعلبك ، ذات الشهرة التاريخية ، في وادي نهر الليتاني الذي يربط قسمي لبنان (الخارجي والداخلي) ويصل بين وادي نهر الأردن والأورنت – وفي هذه المنطقة تخرج الأنهر الثلاثة الأردن ، والليطاني ، والأورنت وتعمل معا أخدودا طويلا يكاد يكون موازيا للبحر المتوسط – وقد مرت ببعلبك أكثر الحملات العسكرية في التاريخ ، سواء القادمة من الشمال أو الشرق أو الجنوب . فلها موقع استراتيجي هام يسيطر على إقليم الشام . وهي على مسافة متساوية من دمشق وبيروت وطرابلس – وقد ارتأى إبراهيم باشا أن يسيطر على ما حولها ليحول دون وصول الإمدادات إلى الأتراك ويمنع قدوم أية قوة لمعاونة عبدالله الجزار لفك الحصار عنه . وكان قد أمن على أجناب جيشه بعد اطمئنانه لمسلك اللبنانيين نحوه . لذلك رأى الاحتفاظ بأي جهد على بعلبك وما حولها ويحرم العثمانيين من الاستيلاء عليها . ولضمان هذا لم يتردد في إمداد عباس باشا بالآلاي الثامن عشر من طرابلس ، وبالآلاي الحادي عشر الذي وصل حديثا ، والآلاي الحرس ، والآلاي السابع الخيالة ، الذي كان تحت قيادته .

وللأهمية نورد في هذا السياق بيانا للقوات المصرية التي أصبحت مرابطة في بعلبك – وهي بمثابة طليعة الجيش المصري ، التي ستقابل الصدمة الأولى في القتال المقبل :

4 آلايات مشاة – 11 و 12 و 18 والحرس . 2 آلايات خيالة – 3 و 7 . مدفعية كافية ووحدات مساعدة . قوات غير نظامية :



فتح عكا 1832

عودة إلى عكا (1832) لم يكن الاستيلاء على عكا بالأمر اليسير ، فهي التي وقفت صامدة أمام عبقرية نابليون وعزيمته ، وهي التي يدافع عنها الآن عبدالله وهو رجل صارم القلب ثابت الجنان . فقد مرت أشهر أمام شجعان إبراهيم باشا ولم تسقط في أيديهم . ولم تكن منعتها هي الصعوبة التي قاومت قائدها فحسب بل كانت للخطة التي انتهجها الباب العالي مانعا . فقد كان السلطان يصب على إبراهيم اللعنات ، ويسلط عليه سيلا من فتاوي شيخ الإسلام . فمن ذلك أنه أصدر خطا شريفا يرمي فيه مصر بالمروق ثم تبعه في مايو 1832 بفرمان شاهاني بتجريد محمد علي وإبراهيم وإباحة دمائهما . وهذا – ولامرية – له أثره على الروح المعنوية للمدافعين . وكان السلطان قد أعلن الحرب رسميا على محمد علي في 23 إبريل .

عاد إبراهيم باشا بعد أن اطمأن للموقف العسكري في الشمال إلى عكا في 27 مايو 1832 ، وحمل علهيا حملة صادقة أشرف عليها بنفسه – وكان إذا حمى وطيس القتال في مكان طالعته فيه يخوض غماره . وكان يتطلب من ضباطه أن يكونوا مثله صناديد يرهبون الموت . وطالت المعركة واشتد سعيرها . فلما أذنت الشمس بالمغيب ، حمل إبراهيم على المدينة حملته الأخيرة . ولكن أبدى المهاجمون لدى مغيب الشمس من ضروب الجسارة والإقدام مثلما أبدوه في أول النهار ، ودافع عبدالله دفاع الأبطال . بيد أن شجاعته لم تغن عنه شيئا ، وسقط هذا الحصن المنيع بينما كان الليل يرخي سدوله على جدران المدينة وأسوارها .

أوضاع القوات في الاقتحام


وقد وصف مستر سنت جون استيلاء إبراهيم باشا على عكاء وصفا مسهبا تلخصه فيما يلي : في صباح يوم 26 مايو عام 1832 ، دعا إبراهيم باشا إلى خيمته كبار ضباط القوات المهاجمة ، من قادة وأميرالايات وقادة كتائب ، وأصدر إليهم أوامره تتضمن الآتي : اللواء أحمد المنكلي يتوجه بلوائه ومعه الكتائب الأولى من الآلاي الثاني المشاه للهجوم على برج (قبو برجي – قلعة الباب) . الكتيبة الثانية المشاة تهجم الثغرة المقابلة للنبي صالح . الكتيبة الثالثة المشاة بقيادة عمر بك تهاجم الثغرة المعروفة بالزاوية . وعينت قوة احتياطية من الكتيبة الرابعة (الآلاي الثاني) تحت الثغرة الأولى لمساعدة إحدى القوات السابقة المهاجمة عند الحاجة . وصدر الأمر إلى كتيبة من الآلاي العاشر بقيادة أميرالاي للوقوف تحت الثغرة الثالثة للغرض المتقدم . وصدر الأمر إلى كتيبة أخرى بنقل السلالم ، قبيل الساعة الأولى بعد منتصف الليل إلى الخندق الواقع بجانب قبو – يرجى ، وبأن تكون هناك على استعداد للهجوم . وزود القائد العام – فيما عدا ذلك – كل قائد بالتعليمات الخاصة به .

ومن تحصيل الحاصل القول بأن استيلاء إبراهيم باشا على عكا قد وضع حدا نهائيا للجفوة الناشبة بين محمد علي وعبدالله . كما أثار موجة من الاغتباط في وادي النيل ، حيث أقيمت الزينات ثلاثة أيام متواليات .

واشتغل المهندسون العسكريون بحفر الخنادق المتعرجة وإقامة متاريس قريبة من الأسوار ونصب المدافع ، وأتموا جل هذه الأعمال في غمار الظلام ، بينما كانت نيران المدفعية تنصب باستمرار على المدينة .

وفي فجر 27 مايو ، عقب شروق الشمس ، صدر أمر القائد العام بالهجوم ، واستمر القتال كما ذكرنا طيلة اليوم . وفي المساء سقطت عكا في قبضة المصريين .

ومن ثم جاء أعيان عكاء يلتمسون الرحمة – ولما كان دائما من شيمة الشجاع تعظيم الشجعان – فرأى إبراهيم باشا في فلول الجيش المنهزم أعداء له يفخر بمحاربتهم – فلم يسعه إلا أنه يؤمنهم على أنفسهم وأموالهم ، وبلغ منه ان سمح لهم بأن يحتفظوا بأسلحتهم .

أما عبد الله نفسه فلم يعد بأكثر من تأمينه على حياته لكنه تلقاه بما هو خليق بمقامه كوزير من وزراء الدولة من الحفاوة .

وكان طبيعا أن يعمل الجند النهب في عكا ، مثلما يفعل زملاؤهم في الشرق والغرب ، قديما وحديثا ، رغم ما أصدره إبراهيم باشا من الأوامر . انطلق الجنود في المدينة ينهبون محتوياتها ، بيد أن النظام لم يلبث أن أعيد في صباح اليوم التالى . وبذل القائد الكبير كما ما في وسعه ليكفر عن خروج الجند عن النظام ، وكان مما فعله أن أذاع بين الناس أن كل من فقد متاعه سيرد إليه إذا وجد ، وأمره جنوده أن يعيدوا كل ما كان في حوزتهم من الأسلاب .

خسائر المصريين في معارك حصار عكا فهي :

الجرحــــى :

1 قائمقام - 1 بكباشي - 2 قائد أورطة - 3 صاغ - 8 يوزباشي - 47 ضابط - 1368 جندي

المجموع : 1430

القتلـــــى :

1 قائمقام - 2 قائد أورطة - 3 صاغ - 3 يوزباشي - 15 ضابط - 489 جندي

المجموع : 512 المجموع
 

محمد789456123

عضو مميز
إنضم
May 15, 2020
المشاركات
717
مستوى التفاعل
1,125
الجولة الثانية : معركة حمص 1832
في ساحة الحركات

في أوائل مايو عام 1832 ، كان معظم الجيش العثماني قد تجمع في قونية ، على السفح الذي يقع شمالي طوروس ،
واحتلت أدنة بعض الوحدات فيما يلي الجبال المذكورة من الجنوب .

وفي 14 مايو كان حسين باشا يقيم مع جيشه في قونية ، لايبدي حراكا وكأنه لايتأهب لمعارك أو حروب ، تاركا الحبل على الغارب للجنود : لاتدريب أو مناورة ولا استعداد ولا نصائح للضباط أو توجيه . فعاثوا فسادا ، ونسوا جيادهم فلا عناية بأمرها ولا علائف تقدم لها . وعبثا ما حاوله الضباط الأوروبيون في هيئة أركان حرب القائد ، بل قل ضاعت جهودهم هباء منثورا .

وعلى نقيض ذلك ، كانت الحال في صفوف الجيش المصري . نشاط موفور ملحوظ بين الجند وضباطهم ، معنوية عالية نتجية لانتصارات في الستة أشهر ، تدريب متوافر وتطعيم لروح الحرب بين أفراد وحدات الإمدادات ؛ تصلهم بين الفينة والفينة أبناء زملائهم في الميادين الجنوبية .

كان محمد علي يلاحق بالآلايات المدربة أولا بأول . فوصلته الآلايات المشاة 5 و 18 و 20 والآلاي الثامن الخيالة و 30000 بدوي لسد خسائر الوحدات ، وملئ المراكز الشاغرة ، لتمسى مرتبات الحرب كاملة وسفن العتاد تواصل الليل والنهار في موانئ الشام التي باتت كلها خاضعة للقوات المصرية . وأسرع إبراهيم باشا في إصلاح ثغرى عكا وحيفا بمعاونة الكولونيل المهندس (Romei) الفرنسي لتكونا قاعتدين ساندتين للحملة المصرية وساعده في ذلك 400 من جنود المهندسين و2000 من العمال . وكان الآلاي العاشر المشاة وقليل من الخيالة تتولى حراسة خطوط مواصلات القاعدة .

وهنا كان على إبراهيم باشا أن يعمل فورا ، دون مضيعة للوقت ، واقتناصا للفرصة السانحة . فما كان بوسعه أن يبدد الوقت في السرور والحفلات . وعلى عاتقه أهداف أخرى ينبغي أن يصلها ببعضها وإلا تلاشت الظروف المهيأة ، وباغته جيش السردار حسين باشا ، الذي انتهى من حشده في الأناضول .

لقد أراح جنده ، وتمتعوا بنوم هادئ بعض الليالي تحت قبة السماء الصافية ، وانتهى من ترتيب الشئون العسكرية في عكا ، وتقدم برأسه المفكر ينظم الخطوط الرئيسية في الجولة الثانية إلى دمشق .

زايل عكا في يوم 9 يونيو (1832) في جيش مؤلف من 18 ألف جندي ، نصفهم من الوحدات النظامية ، قاصدا دمشق ، تلبية أو إذعانا لأمر محمد علي . لأن الاستيلاء عليها وعلى حلب وعكا وطرابلس معناه الاستيلاء على الشام كلها . ولما كان الوالد يعتقد كما أدرك نابليون من قبل أن النصر يحب التقدم الذي تؤارزه الكتائب اللجبة "La vicoire aime a marcher des gros bataillons." لذلك نشاهده يمد ابنه القائد بالوحدات والعتاد التي يتطلبها الموقف العسكري أولا بأول .

وفي 14 يونيو ، وصل إبراهيم باشا الظافر ضواحي دمشق ، برفقة الأمير الشهابي ، على رأس 18000 من المقاتلين (1000 من الجنود النظامية) بعد مصادمة غير عنيفة بالأتراك الذين ولوا أمامه هاربين . ودخل دمشق في 16 يونيو ، فقابله الأهالي بفرح واغتباط . وجعلها مقر الحكومة المصرية في الشام . ورتب الإدارة فيها على نسق جديد ، وعين عليها إبراهيم يكن باشا حاكما ، وأقام لها حامية من الآلاي الثاني المشاة وأورطة من الآلاي الخامس والآلاي الخيالة الثامن .


معركة حمص


اضطر إبراهيم باشا أن يمضى أسبوعين في دمشق إزاء الأنباء التي جاءته بانتشار الكوليرا في حمص حرصا على سلامة جيشه ، ولم يبدد هذه الأيام هباء ، إذ راح يعد العدة لأسباب التقدم ، ويدرب جنده . أما حسين باشا فإنه – قبالة ضغط ضباطه الأوروبيين – قد تخلى عن مراكزه حول أدنه ، وتقدم إلى أنطاكية ثم أوفد محمد باشا والى حلب ، على قيادة مقدمة الجيش وأمره بأن يحصن نفسه في حمص . والمسافة بين أنطاكية وحماه لا يستهان بها . ولا ندري كيف أمر السردار أكرم قائد مقدمته بأن يبعد عن الجيش ... هل يا ترى نسى تعليمات المقدمة في قانون الحرب ؟

فلما علم إبراهيم بالخطأ الذي اقترفه حسين باشا ، عزم على الاتصال بمقدمة الجيش التركي وسحقها ، ثم مهاجمة باقي الجيش بعد ذلك . فزايل دمشق زاحفا على حمص التي كان القائد التركي محمد باشا قد وصل إليها ، واستدعى من بعلبك وطرابلس بعض وحداته التي كانت تحت قيادة عباس حلمي باشا وحسن المناسترلي .

فصارت القوة ؛ التي تجمعت تحت قيادة إبراهيم باشا لدى وصوله إلى مشارف حمص في الجنوب ، حوالي ثلاثين ألف مقاتل (مانجان جـ 3 ص 42) ورأى أمامه المعسكر العثماني إلى جنوبي حمص ذات القلعة المهدمة وتحت أسوارها

أوضاع الجيش التركي والمصري

كان محمد باشا يثق بالإنتصار على خصمه "إبراهيم باشا وفلاحيه" بل أوهمه اعتقاده أن سيفوز وحده في معركة حمص وينال المجد بمفرده وبدون سرداره .

وفي صبيحة يوم 7 يوليو وصل حمص وكانت أسوارها في حالة طيبة ، تحيط بها الحدائق والقنوات التي يتسنى إعدادها لوسائل الدفاع . أما جنوده فقد أنهكها التعب ، وأسقمها السير الطويل فحطوا بأسلوبهم شمال المدينة ، على شاطئ الأورنت . بينما اقتنع القائد أنه في مأمن من جنود إبراهيم باشا – فأجل إلى الغد وضع خططه وتدابيره وبدأ يستعد لتشريف الحفلة الأنيقة التي أعدها له ولضباطه – الباشا وإلى حلب – تكريما لشخصه .

وبينما كان يتنعم بما لذ وطاب مما تشتهيه النفس من أضراب الطعام العثماني ، وألوان الشراب السوري ، كان جنده غادروا مخيمهم يتضورون جوعا في أسواق المدينة يخطفون الخبز وشرائح اللحم ، وكلما وصلت إليه أيديهم .

وفي مساء يوم 7 يوليو (أيضا) كانت وحدات الجيش المصري قد اجتازت مسافة طويلة وصارت على مسيرة خمس ساعات من حمص . فعلم قائدها الكبير بوصول الجيش التركي إليها .

وكانت الوحدات المصرية تتألف من ثمانية آلايات مشاة وستة خيالة و38 قطعة مدفعية ، ومجموع القوة حوالي 30.000 مقاتل يضاف إليها البدو غير النظاميين . وقد أفاده هؤلاء – وهم مهرة في أعمال الاستكشاف – بوجود الجيش العثماني .

وتناقل المعسكران المعلومات بوساطة عيونهما ، فأدرك محمد باشا ، وسط ضجيج الحفل والمرح ، تحرج الموقف ، فجمع كبار ضباطه لتقرير المصير . وهنا ارتأى البعض أن الأصوب التقهقر المنظم إلى موقع آخر بينا فضل آخرون خطة التحرك والقضاة على الجيش المصري .

 

محمد789456123

عضو مميز
إنضم
May 15, 2020
المشاركات
717
مستوى التفاعل
1,125
ولامرية أنه كان من الأصوب في مثل هذا الموقف ، الذي كان فيه الباشا وجيشه ، التقهقر تجاه حلب ، للاتصال بقيادته العليا في أنطاكية وبالاّف الأهالي الموالين للأتراك ، واستهواء إبراهيم باشا إليهم حيث يسهل عليها إدارة المعركة حسب مشيئتها . ولكن هل يتفق هذا الرأي وحبه للمجد وهو قاب قوسين أو أدنى منه . إذن ليتقبل المعركة ، ويتحدى إبراهيم باشا ، في سبيل شهوه المجد .

وقادته فطنته بأن يلتزم خطة الدفاع ، ويشبك نفسه بحمص ، متخذا منها تكأة لحمايته ومن القناوات والمباني المهدمة والأشجار موانع يقاتل جنده خلفها .

كان هذا حسن لو استبسل رجاله في الدفاع والتشبت بمواقعهم . وبذا يعرقل تقدم جيش إبراهيم ويؤخره أياما ، فيعطي الفرصة للمشير حسين باشا باتخاذ الخطة الصالحة في الوقت والمكان المناسبين له وفي الصباح المبكر من يوم 8 يوليو ، أزال محمد باشا معسكره ، ونشر جل قواته قبالة جنوبي المدينة أمام مزارعها الغناء.

وزع جيشه في صفوف ثلاثة . وضع في الصف الأول أربعة آلايات مشاة نظامية عبر الطريق الموصل من حمص إلى دمشق تتكئ ميمنته على الزاوية الكبرى للقناة المتصلة بنهر الأورنت . وميسرته في فضاء الصحراء . وخلف الصف الأول الصف الثاني ، وضع فيه آلايين وآلاي خيالة عبر الطريق بين الأورنت ودمشق ويدعم بها قلب وميمنة الصف الأول . وإلى شرق الطريق المذكور ، عند أكمة وضع آلايا آخر من الخيالة لتسند ميسرة الصف الأول .

وفي الصف الثالث ، الذي امتد بين الأورنت وضيعة مخربة ، تبعد حوالي 1.800 متر عن جنوب شرقي حمص ، وضع قواته غير النظامية وآلايا من الخيالة النظامية لحماية ميسرته .

وهكذا وزع مشاته وخيالته ، أما توزيع مدفعيته فتم على الوجه الآتي : وزع مدافعه بين صفوف وحداته الآنفة الذكر بمعدل مدفع في كل أورطة مشاة ومدفعين في كل آلاي خيالة . وصف 21 مدفعا في مواقع مختارة خلف ميمنة قواته .

حركات الجيش المصري

وبنيما كان الجيش التركي يتخذ أوضاعه المذكورة ، في أحوال سادها الهرج والمرج ، كان الجيش المصري ، الذي قضى ليلته على مقربة من طاحونة قديمة بالقرب من قصير ، قد طفق مسيره في فجر يوم 8 يوليه متجها صوب حمص . وكان ترتيب سير القوات كالآتي : في المقدمة "الآلايات المشاة" 12 و 13 و 18 يتبعها آلاي الحرس . والآلايان الخامس والحادي عشر (المشاة) واتخذت كل أورطة في تشكيل قول مزدوج مفتوح (غير كامل الانتشار) أما الآلاي الثامن فكان في الاحتياط ، خلف منتصف القوة .

أما المدفعية فكانت ثلاث بطاريات منها في الصف (الخط) الأول ، وأربع بطاريات وأيوسين بين الصف الأول والثاني .

وكان توزيع الخيالة على لانسق التالي : ثلاثة آلايات على كلا جانبي التشكيل كله – في ميمنته كما في ميسرته ، وتحرس القوات غير النظامية من البدو أطراف الأجناب للقوات الإحتياطية .

وقد كان يسمح هذا التوزيع أو التشكيل لقائد الجيش – إبراهيم باشا بأن يقوم بالمناورة بحرية واسعة ، حسبما تمليه عليه طبيعة الأرض التي سيتقدم عليها ، وحسبما تصله المعلومات عن حركات العدو ، غير خطته في اللحظة الأخيرة إلى هجوم مضاد . وكانت الأرض إلى شرق الضيعة المخربة تسمح لإبراهيم بمناورة يقوم بها بحركة التفاف واسعة حول ميسرة الأتراك ، وهي أضعف نقط في خط دفاعهم ، والتي لم ترتكز على موانع قوية تكسر من حدة الهجوم المصري إن لم نقض عليه .

وأخيرا اتخذ إبراهيم باشا قراره النهائي : "يقوم قلب الجيش المصري بالهجوم على واجهة الجيش التركي بكل قوته ، يطفى بمشاته وخيالته ومدفعيته نحو ميسرة الأتراك فيحركة التفاف واسعة ، بينما تقوم بعض مشاته بهجوم خادع بموازاة نهر الأورنت لشغل ميمنة الأتراك في خطيه الأول والثاني ، وبذلك يربك عملهم نهائيا . "يتجه لواء الخيالة الثاني (الآلايان 2 و 4) والآلاي الثالث الرماحة المدرعين نحو الضيعة المهدمة ، وعند وصولها لأنسب المواقع تفتح تشكيلها بين لاضيعة المذكورة والمزارع (جنوبي حمص) وتلف حول ميسرة المؤخرة التركية . "آلاي الحرس والآلاي المشاة 18 تدعم القوة السابقة وتفتح تشكيلها عند وصولها إلى غرب وجنوب غربي الضيعة المهدمة . "بطارية مدفعية وأيبوسان تتخذ مواقعها المناسبة حيال الضيعة . بينما تجري هذه الحركات تأخذ الآلايات 13 و18 مواقعها في الأمام ويأخذ الآلاي الخامس مكانه بدلا عن الآلاي الثاني عشر وتفتح وحداتها على طريق دمشق الكبير أمام قوات الأتراك في الصف الأول . "في الوقت نفسه تقوم قوة منفصلة مكونة من الآلاي الحادي عشر المشاة والآلاي السادس والسابع الخيالة وبطارية مدفعية بالتقدم نحو الأرض الواقعة بين نهر الأورنت والقناة (وتشبه الجزيرة أو الدلتا) لمهاجمة ميمنة الأتراك وكإحتياطي لها الآلاي السابع المدرع في الصف الثاني – ولدى ظهورها تولى الرغب قلوب الأتراك ، وتحطمت أعصابهم ، فاضطر القائد إلى إصدار أوامره إلى أورطتين في اليمين لتغيير مواجهتها لصد العدو المفاجئ ، ولكن كان الهرج قد عم الميدان .
 

محمد789456123

عضو مميز
إنضم
May 15, 2020
المشاركات
717
مستوى التفاعل
1,125

لقد بلغ القتال عنفوانه – المعركة في الساعة الخامسة مساء والمدفعية المصرية تقذف نيرانها الشديدة على صفوف الأتراك ، فتسدد إصاباتها بكل دقة وإحكام ، وترد عليها مدفعية الأتراك بدون خطة محددة وتتبعثر طلقاتها هنا وهناك . بينما وهنت روح مشاتهم في الميمنة فانضموا إلى زملائهم في القلب .

والآن تصل المعركة إلى لحظاتها الفاصلة . ورأى إبراهيم باشا أن يستهل الهجوم الساحق ، فأمر آلايات الفرسان 2 و 3 و 4 ومكانها على ميمنة صفوفه بالزحف شرقا (كالخطة الموضوعة) لتقوم بحركة الالتفاف حول ميسرة الترك وتولى بنفسه قيادة هذه المعركة لأن على نجاحها يتوقت مصير المعركة .

تحرك الفرسان الشجعان واجتازوا الضيعة المهدمة بنحو ألفين إلى ثلاثة آلاف ياردة وتقدموا المهاجمة الخيالة الترك غير النظاميين الذين كانوا على مقربة من الضيعة وكان الهجوم شديدا ومحكما . فتراجع الترك وتفرقوا . واحتل المصريون الأرض الواقعة بين الضيعة وحدائق حمص ، ولما رأى الفرسان الترك النظاميون ما حل بزملائهم غير النظاميين تقدموا لصد هجمة المصريين وقد نجحوا – فأمد إبراهيم باشا فرسانه بقوة من جنود الحرس والمشاة (12 آلاي) والمدفعية فأوقعوا بهم وفرقوهم ، ثم هجم معهم المشاة المصريون من لاقلب فارتبكت ميسرة الأتراك بعد مقاومة عنيدة ثم تقهقرت إلى الوراء وبذلك هزم الجناح الأيسر التركي برمته وتخلى عن مواقعه .

أما قلب الجيش التركي فقد اصطدم بنيران المصريين المحكمة . في الوقت الذي لم تمده مدفعيته بمعاونة كافية من النيران ، فبدأ ينثني . وقام محمد باشا بوزن وتقدير الموقف الذي أصبح حرجا بعد أن أصبحت ميمنته ووسطه في حالة سيئة تهدد بالانهيار السريع . وكان ينبغي عليه استدعاء قواته الإحتياطية ليعزز بها المراكز التي ضعفت ويقوم بهجوم مضاد في ناحية الضيعة . لكن لم يفعل – ووجد حلا يائسا يخرجه من الورطة فأمر آلاي خيالة في ميسرة صفه الثاني بالهجوم على مدفعية المصريين الذين وصلوا إلى الضيعة كما أمر آلاي مشاة في قلب الصف الأمامي (وكان هذا الآلاي يرتكز على الآلاي الميسرة في الصف الثاني للقيام بالهجوم بالسونكي لاقتحام الآلاي المصري الثاني عشر . وأسرع آلاي خيالته بتنفيذ الهجوم ولكنه كان متعبا فكان هجومه غير منظم وقابلته مدفعية الحرس بنيرانها المحكمة – فدار وولى الأدبار – أما آلاي المشاة (التركي) فتقدم من القلب كالأمر الذي صدر إليه ولكن أوقفته نيران الآلاي الخامس المصري ثم هاجمه من الجنب الآلاي 12 المصري في تشكيل مدرج من الميمنة . ولم يفعل شيئا لمقاومة الهجوم المصري .

ويسدل الليل ستاره . وتحت ظلام الليل يمتطي محمد باشا جواده قاصدا مدينة حمص ، وبدا كل قائد يبحث عن وسيلة لينقذ نفسه ، واقتدى الضباط بقادتهم ، ثم بدت الفوضى والهزيمة والذعر ، حين تأتي دور الجند في ترك صفوفهم وولوا الأدبار مدحورين .

ولقد خال للمصريون أن الأتراك – بعد لم شملهم في الليل – سيعاودون القتال ، إذ كانت قلعة حمص تحمى ظهورهم . ومرت لحظات توقع المصريون أن يعاود الترك الكرة ويستأنفوا القتال ، ولكن شيئا من هذا لم يقع! ولم يفكر الترك في معاودة القتال . فتقدم إبراهيم باشا بحذر على رأس جيشه الظافر محتلا المواقع التي أخلاها الترك . وأعاد تنظيم قواتها وصفها على شكل مربع ووضع المدافع زواياه الأربع . فازداد مركزه منعة بينما كان الأتراك يمعنون في الانسحاب مكسورين . وبادر إبراهيم باشا فأرسل إلى أبيه ينبئه بهذا النصر الكبير الذي عرف عند المصريين بيوم هزيمة الباشوات .


خسائر الطرفين

كانت خسائر الترك في معركة حمص جد جسيمة – 2000 قتلى و2500 أسرى واستولى المصريون على عشرين من مدافعهم علاوة على ذخائره وعتاده . أما خسائر المصريين فلم تزد عن 102 من القتلى و162 من الجرحى .

وفي اليوم التالي دخل المصريون حمص (9 يوليو) بينما كان الترك يعدون صوب حلب وأنطاكية . وغلب خيالتهم النظامية على أمرهم فاستولى غير النظاميين على جيادهم يمتطونها! .

نقد لعمليات الجيشين

يجد المعلق الناقد لحركات الجيش التركي مادة مستفيضة من الأخطاء التي اقترفتها القيادة . فبعد أن قررت الخروج من حمص لقبول المعركة صفت قواتها في خطوط متقاربة بدون عمق كاف . فضلا عن عدم تفكيرها بوضع احتياط ينتفع به في الوقت المناسب للقيام بهجوم مضاد . فقد كان صفه الثالث هزيلا (راجع الأوضاع السابقة) وكان تشكيل أوضاعه خطيا (formation lineaire) فلم يعد قادرا على القيام بحركة مناورة لها تأثير ناجح على سير المعركة ، ولم تنتفع بطبيعة الأرض إلا من ناحية الميمنة (نهر الأورنت والقناة) ومع ذلك فقد كرم محمد باشا في هذه الجهة معظم قواته ، وترك ميسرة جيشه في الهواء لاتعتمد على قوات أو موانع . كما أنه لم ينتفع بالحدائق أو التخوم التي تحيط بجنوب حمص وتركها والضيعة المهدمة لعدوه الذي انتفع بها تماما .

ولم يعرف كيف يوجه مدفعيته في نيران متجمعة على وحدات المصريين ، بل نثر توزيعها على أهداف كثيرة. وبالاختصار كانت أوضاع الأتراك وتوزيع قواتهم لايسمح بأي نجاح سواء في حالة الدفاع أو في حالة الهجوم المضاد . فقد أهملوا المبادئ الرئيسية للقتال الناجح .

أما في ما يخص حركات المعركة من الجانب المصري فقد كانت كل دقائق الخطة محبوكة من الطرفين واتسمت كل حركة بالنشاط والبراعة في تنفيذها . فقد نظر إبراهيم باشيا جليا إلى نوع المناورة التي يعملها مهتديا بطبيعة الأرض وبتوزيع قوات خصمه وموقفه – فكانت الأوضاع التي اتخذها في توزيع قواته متفقة كل الاتفاق مع التكتيك المثالي وطاقته التي يستطيع بها تنفيذ الحركة من تقدم أو هجوم جانبي أو جبهي أو تقهقر (وهذا لم يفكر فيه أبدا) وكانت وحداته موزعة في عمق كاف يسمح له بالسيطرة على تنفيذ الحركات وفقا لما ينبغي . وأحسن تعبير لبراعة مناورة إبراهيم نجده في عبارة المارشال فيجان في كتابه المعروف . "La manouvre etait en germe dans le dispositif initial de son armee".

وكانت حركة الإلتفاف حول جنب القوات التركية رائعة كما أسلفنا محبوكة في تفاصيلها ومجموعها . كذلك كان هجومه على ميسرة الترك . وكان استخدام المدفعية يسير حسب خطة موضوعة لاهباء ولا ارتجالا ، وهي قواعد المدرسة الحربية الحديثة التي وضع أسسها نابليون ، وفهمها سليمان بك ، وهضمها إبراهيم ، فعرف كيف ينتفع بها . هي الأسس التي أهمها مرونة الخطة ، والقدرة على تنفيذها والسرعة في إنجازها ، وأثر المفاجأة الذي ستحدثه على العدو .

ففي معركة حمص تقابل وجها لوجه للمرة الأولى جيشين شرقيين ، أسلحتهما واحدة ، وأسلوب حربهما متقنة . فكان النصر من نصيب الجانب الذي تفوق في تنظيمه ونظامه في القتال وروح قيادته العليا ، وفي هذه المعركة هدم الجمود أمام الحركة والسرعة .

أجل . في معركة حمص بانت روح القيادة المنظمة التي تسود الجيش المصري ومحى الجنود المصريون هزيمتهم ، أو بعبارة أوضح هزيمة أسلافهم التي لحقت بهم في عام 1517 (معركة مرج دابق و الريدانية) حينما اعتدى السلطان سليم على استقلال مصر وهزم سلطانها الغورى .

وفي التقرير الذي رفعه إبراهيم لأبيه عن المعركة ، قال عن العدو : "لم أر في حياتي هزيمة كهزيمة العدو . فإني لا أغالي إذا قلت أنه لو زحف على مئتا ألف أو ثلاثمائة ألف من عساكره لما نبض لي بسببهم نبض أو اكترثت بهم ، ونحن بمشيئة الله ظافرون بأولئك العساكر أينما وجدوا . وقد أرسلنا الأسرى إلى عكا وأمرنا ديوان أفندي بأن يقبل في التقاعد كل من يريد تسجيل اسمه فيه ويرسل من يرغب في العودة إلى وطنه إليه في مصر أو غيرها . وقد بلغ عدد القتلى منذ 102 والجرحى 162 وخسرنا 172 جو
 

محمد789456123

عضو مميز
إنضم
May 15, 2020
المشاركات
717
مستوى التفاعل
1,125
الجولة الثالثة : معركة بيلان 1832

معركة بيلان (29 يوليو 1832) هي الجولة الثالثة في الحرب المصرية العثمانية في عهد محمد علي باشا.

قضى إبراهيم باشا وجنوده ليلتهم في المواقع التي كانت تحتلها بالأمس جنود الترك ، وفي التاسع من يوليو دخل حمص على رأس شجعانه ، وقصد بهم حلب . فبلغ حماه في العاشر من يوليو وكان رجاله يلتقطون الأسرى وقد ارتضى معظمهم الإندماج تحت رايته . هذا فضلا عن المدافع والعتاد . وفي حماه عثر على خيرات الطعام الوفيرة التي كدستها القيادة العثمانية ، لأنهم رأوا جعل حماه قاعدة لعملياتهم ، وقد سارع إبراهيم في مطاردته للعدو ليحرمه من التجمع وإعادة ترتيب صفوفه ، فكان يسير بقواته في الساعات الأولى من النهار ومن ثم يمنحهم الراحة . وقد تقدموا سريعا فاحتلوا ماهنيكه يوم 11 ومعار ونعمان في يوم 12 و تل سلطان يوم 13 و زيتان يوم 15 .


وهنا يحسن أن نعرض أعمال السردار حسين باشا مذ تركناه بعد إصدار أوامره لقائده محمد باشا . فإنه تقدم على رأس قسم من الجيش بين اسكندرونه وأنطاكية . كان من بينه 800 خيال و700 جمل تحمل الذخيرة مميما صوب حمص . وكان يظن أنه سيسبق إبراهيم باشا ويملي عليه المعركة فالتقى في طريقه بفلول جيش محمد علي باشا وعرف نبأ هزيمة حمص . وعلى ذلك ارتد إلى حلب ليتخذها قاعدة حربية .

وطلب حسين من أعيانها أن يمدوه بالمؤونة والرجال ولكن كان أهلها قد بغضوا الحكم التركي وأشفقوا على مدينتهم أن يحل بها الخراب ، فأبوا أن يدخل أحد من جنوده إلى مدينتهم ، ولم يسمحوا إلا للجنود الجرحى والمرضى بالدخول ، ثم أغلقوا أبوابها .

احتفظ حسين باشا بالهدوء وقال مداعبا الذين حوله . إن جوادي لا أستيطع إرغامه على شرب الماء . فقد صمم على أن يرتوي من ماء النيل .

وقبالة عناد الحلبيين اضطر السردار إلى مبارحة مدينتهم يوم 14 يوليو قاصدا اسكندرونة حيث كان يرسو الأسطول العثماني ، فاصبح تحت عاملين ، هل يعود إلى بيلان (جنوبي اسكندرونة) أم ينطلق نحو الشمال ويحصن نفسه بالقرب من مضيق طوروس المفتاح الشمالي ؟ . وأخيرا قر قراره على اتخاذ مكان حصين لدى مضيق بيلان وساعدته طبيعة الأرض على الامتناع بها .

أما إبراهيم باشا فقد وصل حلب يوم 17 يوليو واضطر للإقامة فيها عدة أيام لتستريح جنوده ، وينفضوا عن أنفسهم متاعب القتال والوباء ، الذي تفشى في بعض صفوفهم ، نتيجة لما خلفه الأتراك وراءهم . وقد أفاد من بقائه هناك ، بعد أن أوضح للأهالي من جميع الملل أهداف أبيه من قتال الباب العالي . فانضموا إليه بعد أن تبدت نواياه ، وسمعوا خطباء المساجد يخطبون باسم خليفة المسلمين . وفي أثناء إقامته جاءته وفود من أورفا وديار بكر تعلن خضوع المدينتين لحكم محمد علي .

وفي 25 يوليو خرج من حلب مبتغيا أنطاكية ، وقسم قواته إلى شعبتين : أحدهما تولف من غير النظاميين اتخذوا طريقهم إلى أنطاكية مباشرة وثانيتهما قواته النظامية عبروا مضيق كليس للالتفاف شمال أنطاكية والاستيلاء عليها من الخلف .

وفي يوم 28 وصل إلى قبلة أنطاكية ، وحدثت عدة مناوشات بين البدو وبضع مئين من الترك ، ثم دخل المدينة وكان حسين باشا قد أعلن أنه سيدافع عنها لكنه لم يفعل .


وقف إبراهيم أمام جبل أمانوس ، وهو من شعاب جبال طوروس أو امتداد لها شاهق العلو ، يرتفع نحو 1.800 متر ، يجتازه مضيق بيلان الذي يصل بين سهلي أنطاكية وخليج اسكندرونة ، أو يفصل بين سوريا وكيليكيا ، وهو الممر الذي اجتازه جميع قادة العالم العسكريين لفتح الشرق ، من مصريين وآشوريين وفرس وأغريق ورومان وعرب وفرنج وترك وسواهم . واليوم يدنو منه قائدنا إبراهيم ليجتازه وليس عليه ذلك بعسير . هذا اليوم هو صباح 29 يوليو


مواقع الجيش التركي الدفاعية


كان الجيش التركي مؤلفا من نحو 45000 من المقاتلين من جميع الأسلحة ، و160 مدفعا بقيادة حسين باشا ، يرابط في مواقع منيعة – اتخذ مواقعه على قمم جبال بيلان . فاحتشد المشاة وتؤلف من خمس أورط فوق هضبة ، يصل طرفه الأيمن (ميمنة الجيش) إلى طريق وعر يخترق جبال أمانوس آتيا من خان قرموط إلى بيلان ، وطرفه الأيسر (حيث القلب) إلى الطريق الوسط الواصل في أنطاكية إلى بيلان ويؤلف من 14 أورط مشاة . أما ميسرة الجيش (5 أورط) فكانت ترابط على امتداد ذلك الخط فيما يلي هذا الطريق ، تعلوها بعض المدافع الموضوعة على أكمة قريب من الطريق . وأقام الترك أمام صفوف المشاة بعض الموانع والبلانقات وزعوا خلالها المدافع . وفي واد ضيق بقطع الطريق جنوبي بيلان كان آلايان من خيالتهم .

وكانت مؤخرة الترك المؤلفة معظمها من المشاة موزعة في خط واحد على قمة أمانوس ، وهكذا ترى من أول نظرة أن حسين باشا لم يكن موفقا في وضع خطة دفاعه . فقد اتبع الأسلوب الخطي في توزيع قواته وأهمل العمق ، الذي يسهل عليه القيام بالمناورة ، على مقياس كبير .

خطة الجيش المصري

عسكر الجيش المصري في السهل المنبسط ، تحت مضيق بيلان ، غربي الطريق الواصل من كليس وأنطاكية ، واتخذ المشاة مواقعهم في الصفوف الأمامية ، وخلفهم الخيالة والمدفعية في الوسط ، وخلف هذه الصفوف مهمات الجيش وعتاده .

كشف إبراهيم باشا مواقع الترك على جبل بيلان ، فوجدها منيعة ، يصعب على قواته أن تنال منها فوزا . وفي مساء يوم 28 جمع مجلسا من ضباطه لوضع قرارهم النهائي في الخطة التي ستنفذ . فرأى بعضهم تأجيل الهجوم على المضيق إلى بعد الغد ، ورأى الآخرون القيام بهجومهم يوم الغد ليحرموا العدو من تعزيز مراكزه أو وصول إمدادات إليه من اسكندرونة .

ومن محاسن الصدف ، أن يقع المستشار الفني لحسين باشا في قبضة إبراهيم باشا ، وهو الكابتن الفرنسي (Thevenin) بعد الاستيلاء على حلب ، فحرم الأتراك من معاونته . وينتهي قرار المجلس إلى الأخذ بخطة الهجوم ، في اليوم التالي (صباح يوم 29 يوليو) ، والقيام بحركة التفاف حول ميسرة الترك من الجنب ، تمهيدا للإحاطة بها ، ثم احتلال بعض المرتفعات المتسلطة على القلب . ويجعل المشاة الأتراك هدفا لنيران المدافع المصرية ، وفي الوقت نفسه يرسل جزءا من قواته للإحاطة بميمنة الأتراك – وكانت خطته صورة لما اتبعه في معركة حمص – وكانت خطة الإلتفاف تتطلب القوات الآتية : 4 آلايات مشاة 3 آلايات خيالة 4 بطرايات مدفعية ميدان وفي مصدر آخر 2 مدفع أبوس

وأخذ إبراهيم باشا على كاهله قيادة هذه الوحدات ، لأهمية دورها المطلوب تنفيذه .
وأمر أمير آلاي حسن بك المناسترلي بالإستعداد للهجوم المباشر على قلب وميمنة الأتراك والتقدم عن طريق بيلان أنطاكية ، على رأس الآلاي 14 وبطارية مدفعية – فتقدم إلى الطريق واحتل الموقع المطلوب بينما تبعه الآلاي الخياة الخامس كقوة احتياطية له في هجومه على ميمنة الجيش التركي .

أما اللواء الثاني الخيالة ، والآلاي السادس الرماحين المدرعين ، فطلب منهم العمل بين القوتين الآنفتين ، ومساعدة إحداهما لدى الضرورة ، بنيما يكون الآلاي 18 المشاة وبطارية ميدان في الإحتياط
 

محمد789456123

عضو مميز
إنضم
May 15, 2020
المشاركات
717
مستوى التفاعل
1,125
المعركة

لما شاهدت القيادة التركية تقدم الشعبتين (القولين) المصريتين حتى أمرت بفتح النيران الشديدة على طريق تقدمهما فغمرتهما القذائف بعنف . وفي الحال ردت عليها مدفعية البطاريتين المصرية التي في القول اليمين بنيران محكمة للغاية وشديدة التأثير – وفتحت فصيلتان من القناصة تشكيلها بسرعة من الحرس واخترقت غابة صغيرة وأقحمت الجبهة برصاصها السريع . وبعد قليل التحق بالفصيلتين أورطة من الحرس ومعهما أبوسين واستمروا في هجومهم الموفق ونجحوا في إسكات الميسرة التركية ، واستمر وصول بقية آلاي حرس بسرعة مع أفراد الآلاي السابق في أمواج تدريجية متتالية . وفي نفس الوقت كان الهجوم الجبهي بقيادة المناسترلي سائرا على مايرام ونجحت البطارية التي تحت قيادته في إنزال الخسائر الجسيمة بالأتراك . وهنا انحرف الآلاي 13 المشاة إلى غرب الطريق (أنطاكية) وهاجم ميمنة العدو . وأخذ الآلاي 18 مكانه في الهجوم الخفيف ضد قوات القلب .

وفي اللحظة التي انتهى فيها آلاي الحرس من تحقيق أهدافه الأولى ، تهيأ للإلتفاف بميسرة العدو فلم ينتظر حسين باشا اللطمة التي كانت مسددة نحوه – وعمل على التقهقر السريع نحو بيلان . وانتهز الفرصة القناصة المصريين فهجموا على بطارية تركية (6 مدافع) كانت قد تركت وحدها بدون المشاة تحرسها وصعد الجنود عليها وأسكتوها . وحاولت آلايات الخيالة التركية القيام بحركة تقدم إلى الأمام فصدتها نيران الحرس ، الشيء الذي جعلها تسرع نحو بيلان بغير نظام وقد تبددت جموعهم .

وهكذا أخلى الطريق إلى بيلان من قوات الأعداء

وبعد أن ارتدت ميسرة الترك ، وصل المصريون في تقدمهم إلى طريق بيلان نفسها ، وتخرج مركز قلب الجيش التركي ، وأدركت قيادته أن خط الرجعة إلى بيلان أصبح مقطوعا بوصول المصريين إلى الطريق . فلاذ العدو بالفرار ، وتخلى عما بقى له من المواقع ، وتشتت وحداته في الجبال .

وكان الآلاي الثالث عشر قد قام بمهمته خير قيام ضد ميمنة الترك ، ووصل رماتهم و معهم مدفعيتهم إلى أكمة قريبة من أقصى الميمنة . ولما رأى العدو ما حل بالميسرة ، تخلوا أيضا عن مركزهم وتقهقروا نحو الجبال .

نتيجة المعركة

باستيلاء المصريين على مواقع الأتراك انتهت معركة بيلان بهزيمة تامة ، بعد قتال عنيف دام نحو ثلاث ساعات ،
وهكذا فاز إبراهيم بالنصر ، لأن تنفيذه للخطة كان دقيقا ورائعا . وأعاد حسين باشا السردار أمام بيلان موقف سلفه القائد محمد باشا قبالة حمص .

وكان نشاط إبراهيم باشا في المعركة ، التي قام بها باديا في كل حركة من حركات الجند والضباط ، فاستحق ثناء والده و إعجاب مواطنيه .

قضى الجيش المصري ليلة 29 يوليو في مواقع الأتراك ما عدا أورطتين أمرتا بدخول بيلان وانفصل منهما بلوكان وفصيلة خيالة مدرعة لاستكشاف الطريق إلى اسكندرونة .

وفي يوم 30 يوليو احتل إبراهيم باشا بيلان . أما الخيالة فقد سلكت طريق اسكندرونة بقيادة عباس باشا حلمي . حيث عثروا على كميات مكدسة من الغنائم و14 مدفعا وأصناف التعيين التي تكفي الجنود أربعة أشهر .

والتى تردد حسين باشا في تدميرها . وكان وصول فلوله إلى اسكندرونة ، بعد قيام سفن الأسطول العثماني بدقائق .

احتل إبراهيم باشا ميناء اسكندرونة ، واندفعت الخيالة إلى باياس آسرة نحو 1400 تركي وسُلمت له أنطاكية واللاذقية والسويدية . أما حسين فقد أسرع نحو ادنه بعد اجتياز مضيق طوروس على رأس شراذم لا يفخر أي قائد في الدنيا أن يكونوا جنوده .

وعقب راحة قصيرة الأجل ، احتل جنود إبراهيم باشا ادنه وطوروس ، وكانت الأولى مفتاح الزحف على الأناضول . وبعد أيام كان العلم المصري يخفق على أورفا وعينتاب ومرعش وقيصرية .

وبعد هذا النصر ،أي الطرق السياسية يسلكها محمد علي !؟

ومن الواضح أنه كانت قبالته طريقان : إما أن يعلن الاستقلال ويأمر ابنه أن يستمر في الزحف للقضاء على جيوش السلطان الهاربة فيضطر الخصم إلى التسليم والاعتراف بالأمر الواقع ، أو أن يأمر ابنه بالوقوف أملا أن ينال هدنة عن طريق تدخل الدول . ولم يخل أحد الطريقين من أخطار .

وستبين لنا مسيرة الحوادث ما سيكون بعد معركة بيلان .

احتل إبراهيم باشا طرسوس ، ثم دخل أدنة في 31 يوليو سنة 1832 ، وفيها تلقى القائد من والده أمرا بالتوقف ، فقد بلغ الغاية التي كان يسعى إليها ، أي الوصول الى آخر حدود البلدان العربية . ولكنه أرسل آلايين إلى أورفة وقوة من فرسان العرب لمراقبة الطريق من أرضروم وسيواس وديار بكر فاحتلت القوة مرعش كما أرسل قوة إلى نهر الفرات لحماية جناحه الأيمن وبقي إبراهيم في خطة الدفاع منتظرا أوامر أبيه إلى 21 ديسمبر سنة 1832 .

خسائر الطرفين

قتل نحو 2500 تركي وجرح وأسر منهم نحو ألفين ، وغنم المصريون حوالي 25 مدفعا وكثيرا من الذخيرة والعتاد . ولم تتجاوز خسائر المصريين 20 قتيلا .
 

محمد789456123

عضو مميز
إنضم
May 15, 2020
المشاركات
717
مستوى التفاعل
1,125
المصادر :

عبد الرحمن الرافعي: عصر محمد علي – الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة 2000م.

أحمد حسين: موسوعة تاريخ مصر – دار الشعب القاهرة – بدون تاريخ.

لطيفة محمد سالم: الحكم المصري في الشام – مكتبة مدبولي القاهرة الطبعة الثانية 1410هـ = 1990م.

مسعود ضاهر: النهضة العربية والنهضة اليابانية – سلسلة عالم المعرفة رقم 252 المجلس الوطني للثقافة والفنون – الكويت – الطبعة الأولى 1420هـ - 1999م.
 

محمد789456123

عضو مميز
إنضم
May 15, 2020
المشاركات
717
مستوى التفاعل
1,125
اسرة محمد علي باشا على مدار تاريخها كانت بتفتخر بـ مصريتها ومكانش ليهم وطن تاني غير مصر ..
محمد علي باشا قال :"لن أتحمل أبدًا أن تكون مصر إنجليزية"
محمد سعيد باشا :" وحيث إني أعتبر نفسي مصريًّا فوجب عليَّ أن أربِّي أبناء هذا الشعب وأهذِّبه تهذيبًا حتى أجعله صالحًا لأن يخدم بلاده "
الملك فاروق :" إن الجيش ليس ملكي وإنما هو ملك مصر، ومصر وطني، وإذا كان الجيش قد رأى أن في نزولي عن العرش ما يحقق لمصر الخير، فإنني أتمنى لها هذا"
-
قد يجادل مجادل أن اصولهم ليست مصرية حتى ولو قالوا انهم ينتموا إلى مصر، فـ نقول له :
1-الأسرة الملكية البريطانية الحالية ذات أصول "المانية" -ليست بريطانية أصلية!
2-الأسرة الملكية المغربية ذات أصول "سعودية" تعود إلى مدينة ينبع- ليست مغربية أصلية!
3-الأسرة الهاشمية الأردنية ذات أصول "سعودية" تعود إلى الحجاز - ليست أردنية أصلية
4-الأسرة المالكة السويدية ذات أصول "فرنسية" - ليست سويدية اصلية!
5-الاسرة الملكية البلجيكية ذات أصول "هولندية" - ليست بلجيكية أصلية!
6-الاسرة الملكية في موناكو ذات أصول "ايطالية" - ليست فرنسية أصلية!
7-الاسرة الملكية النرويجية ذات أصول "دنماركية" - ليست نرويجية اصلية!
8-الملكة صوفيا الاسبانية ذات أصول "يونانية" - ليست اسبانية الأصل!
-
وتاريخيًا تعرف على عدد الأسرة ذات الأصول الاجنبية التي حكمت بعض البلاد :
1-الاسرة الملكية العراقية ذات أصول "سعودية" - ليست عراقية الأصل
2-نابليون بونابرت "ايطالي الأصل" وأسس الامبراطورية النابليونية والاسرة النابليونية وظل وابناءه واحفاده يحكمون فرنسا!
3-ادولف هتلر "نمساوي الأصل" وأسس المانيا النازية !
4-جيفارا "ارجنتيني الأصل" وقاد وحكم "كوبا" !

فـ هل كل هؤلاء لا ينتموا إلى البلاد التي حكموها؟ هل كانوا محتلين أو اجانب على البلاد اللي صنعوا لها مجدًا؟
 

الاعضاء الذين يشاهدون الموضوع (المجموع: 1, الاعضاء: 0,الزوار: 1)

أعلى