قال أبو عبيد :سمعت الأصمعي يقول :سمعت الخليل بن أحمد يقول: سمعت أيوب السختياني يقول:
عامة من تزندق من أهل العراق لجهلهم بالعربية.اهـ
[1]
وقال الإمام الشافعي رحمه الله:
ما جهل الناسُ ولا اختلفوا إلا لتركِهم لسانَ العرب, وميلِهم إلى لسان أرسطاطاليس. اهـ [سير أعلام النبلاء 10/74]
وقال ابن جني:
إن أكثر من ضل من أهل الشريعة عن القصد فيها وحاد عن الطريقة المثلى إليها، فإنما استهواه واستخف حلمه ضعفُه في هذه اللغة الكريمة الشريفة التي خوطب الكافة بها.اهـ
وقال الإمام الشاطبي رحمه الله: وقد قال صلى الله عليه وسلم: (حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)،
لأنهم إذا لم يكن لهم لسان عربي يرجعون إليه في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم رجع إلى فهمه الأعجمي وعقله المجرد عن التمسك بدليل يضل عن الجادة، قال الحسن البصري رحمه الله: "
أهلكتهم العجمة يتأولونه على غير تأويله".اهـ
وقال عمرو بن العلاء لعمرو بن عبيد لما ناظره في مسألة خلود أهل الكبائر في النار، واحتج ابن عبيد أن هذا وعد الله والله لا يخلف وعده -يشير إلى ما في القرآن من الوعيد على بعض الكبائر بالنار والخلود فيها- فقال ابن العلاء:
من العجمة أُتيتَ، هذا وعيد لا وعد، قال الشاعر:
وإني وإن أوعدته أو وعدته *** لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
ومن أمثلة التفاسير الخاطئة المبنية على الجهل بالعربية قول من زعم أنه يجوز للرجل نكاح تسع حرائر مستدلاً بقوله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) فالمجموع تسع نسوة، قال الشاطبي: ولم يشعر بمعنى فُعال ومفعل وأن معنى الآية: فانكحوا إن شئتم اثنتين اثنتين أو ثلاثاً ثلاثاً أو أربعاً أربعاً.
ومن ذلك قول من قال: إن المحرم من الخنزير إنما هو اللحم، وأما الشحم فحلال لأن القرآن إنما حرم اللحم دون الشحم. ولو عرف أن اللحم يطلق على الشحم بخلاف الشحم فلا يطلق على اللحم لما قال ما قال..
ومن ذلك قول من قال في حديث: (لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر، يقلب الليل والنهار), بأن فيه مذهب الدهرية. وهذا جهل، فإن المعنى لا تسبوا الدهر إذا أصابتكم مصائب ولا تنسبوها إليه فإن الله هو الذي أصابكم فإنكم إذا سببتم الدهر وقع السب على الفاعل لا على الدهر.
قال الإمام الشاطبي رحمه الله:
فقد ظهر بهذه الأمثلة كيف يقع الخطأ في العربية في كلام الله سبحانه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك يؤدي إلى تحريف الكلم عن مواضعه، والصحابة رضوان الله عليهم براء من ذلك لأنهم عرب لم يحتاجوا في فهم كلام الله تعالى إلى أدوات ولا تعلم، ثم من جاء بعدهم ممن هو ليس بعربي اللسان تكلف ذلك حتى علمه..اهـ