- إنضم
- May 15, 2020
- المشاركات
- 717
- مستوى التفاعل
- 1,125
هل إنتصرت مصر عسكرياً فى عام 1956 ...؟؟؟؟
ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ـ
قبل الإجابة على هذا السؤال المحاط بالأسلاك الشائكة أعترف مقدماً أننى سأخوض حقل ألغام شائك خطر صنعناه نحن بأيدينا حول هذا الموضوع بالذات ـ لأحاول أن أفك طلاسم وألغاز رغم أن الأمر واضح جداً لكننا لازلنا رغم مرور كل هذه السنوات مصرين حتى الأن على إهالة التراب على تاريخنا الوطنى العريق التليد دون أن نكف عن ممارسة جلد الذات وإصدار الأحكام المسبقة والتى تكون حتماً مستعجلة غير متأنية إما أبيض أو أسود
هكذا بدون تروى أو تريث ربما جهلاً أو خبثاً من البعض أو للرغبة فى تصفية حسابات معينة مع أشخاص مقصودين بعينهم أو حقب تاريخية معنية بذاتها بالنسبة للبعض الأخر فى الأدبيات المصرية الشعبية والسياسية العسكرية ..
إعتبرنا حرب العدوان الثلاثى على مصر نصراً سياسياً وهزيمة عسكرية لنا !!! ولشدة ثبوت هذه الفكرة فى رؤوس كثيرين ممن يشتغلون بالصحافة أو السياسة أو حتى بعض العسكريين أنفسهم ! قد يستشيطون غضباً و تعصباً لو سمعوا أو قرأوا رأياً مخالفا لهذه الحقيقة التى جعلناها واقعاً راسخاً خالداً ..
وإذا تكلم شخص ما محاولاً أن يثبت العكس تلقى مائة رد ومائة تعقيب رافض مفند لكلامه ورأيه وكأن الحس الوطنى أو الجمعى لدى بعض الناس قد تحول إلى بقرة لها ألف لسان وليس لها عقل ..!! لقد هزمنا عسكرياً فى حرب 56 أمام 3 دول معتدية هكذا يحاولون أن يغرسوا هذه المقولة المتجنية فى أذهان وعقول الأجيال الناشئة بإصرار علماً بأن مجرد دراسة واسعة متأنية تُجرى عن هذه الحرب البطولية كفيلة بأن تصفعنا على وجوهنا كى نستفيق .. من قال أن مصر هزمت عسكرياً ً يا سادة ..؟؟
يقولون أن التدخل السوفيتى والضغط العالمى الشعبى على الدول المعتدية هو الذى أنقذ مصر بعد تأميمها لقناة السويس فى 26 يوليو 1956 من الإحتلال وأنقذ النظام الثورى بزعامة الرئيس جمال عبدالناصر من السقوط فخرج منتصراً متألقاً مكتسباً مكانة دولية عالمية وسط دول العالم أجمع والعالم الثالث بصفة خاصة .. والأن ..
إسمحوا لى أن أصحبكم فى جولة رائعة لنغوص خلالها معاً فى بحر مقال بديع رائع نشر بجريدة الأهرام عام 1996 بمناسبة مرور 40 عاماً على حرب 1956
اللواء أ.ح / محمد رفعت وهبة ـ زميل أكاديمية ناصر العليا الذى بذل أصدق جهد فى الإجابة من وجهة نظر عسكرية بحتة ـ على التساؤلات المطروحة بالشرح والتفنيد والتحليل نقتطف منها مقتطفات تمثل خلاصة رأى الكاتب اللامع صاحب المقال بالعنوان التالى ... هل أنقذ التدخل الدولى والإنذار السوفيتى مصر ..؟
هذا العام يمر على العدوان الثلاثى البريطانى / الفرنسى / الإسرائيلى أربعون عاماً كاملة ومازال البعض يردد أن مصر هزمت عسكرياً وأن الإنذار السوفيتى الشهير هو الذى أنقذ مصر من هزيمة سياسية أيضاً !!! ولما كان ذلك يبالغ فى تقليل دور القوات المسلحة المصرية والمقاومة الشعبية فى تحقيق النصر العسكرى كما أنه يبالغ فى تعظيم دور الإتحاد السوفيتى والمجتمع الدولى فى تحقيق إنقاذ مصر من الهزيمة العسكرية والهزيمة السياسية فإننى سأتناول بالتحليل وبالتوقيتات وبالحقائق والوقائع ما يثبت أن أطراف العدوان الثلاثى فشلت فى تحقيق أهداف عملياتها العسكرية وانشطتها الدبوماسية ولايمكن أن يسمى هذا الفشل نصراً . كما أن مصر نجحت فى تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية وذلك يرجع إلى كفاءة الخطط العسكرية بصفة أساسية .. فكيف لا يسمى ذلك نصراً ..؟؟ً
أولاً أهداف أطراف العدوان الثلاثى وأهداف مصر
.. 1 ــ أهداف بريطانيا وفرنسا ــ إعادة إحتلال منطقة قناة السويس وإعادة قناة السويس إما دولياً أو بشركة قناة السويس ــ إسقاط نظام الحكم فى مصر ولم يتحقق أى هدف من الهدفين
2 ــ إسرائيل ــ القضاء على قواعد الفدائيين فى سيناء وقطاع غزة ــ فتح الممرات المائية (قناة السويس ومضيق شرم الشيخ) ــ نزع سلاح سيناء ــ إسقاط نظام الحكم ولم يتحقق من هذه الأهداف إلا التمكن من الملاحة فى مضيق شرم الشيخ الذى تمركزت به قوة دولية بموافقة مصر ثانياً أهداف مصر السياسية والعسكرية ــ المحافظة على إستقلال مصر ضد أى عدوان أجنبى ــ عدم تمكين قوات العدو من إعادة إحتلال منطقة قناة السويس وقد تحقق هذان الهدفان وقد خططت قوات الحلف العدوانى الثلاثى لعملياتها الحربية واضعة نصب أعينها ضرورة أن تتم العمليات بضربة خاطفة بحيث يحسم الموقف فى أقصر وقت ممكن حُدد أولاً بخمسة عشر يوماً ثم خفض بعد ذلك إلى ثمانية أيام وذلك لإعتبارين مهمين
أولهما الموقف الدولى المعارض لأى تدخل عسكرى وخاصة من جانب الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتى و الصين الشعبية وتهديد الأخيرتين بإرسال متطوعين للقتال بجانب المصريين
وثانيهما ان القوات المسلحة المصرية وجيش التحرير الوطنى والمقاومة الشعبية المصرية لو لم تتم العمليات بسرعة كبيرة ستتمكن من تنظيم دفاع طويل المدى وحرب مدن وشوارع بما لن يمكن القوات المعتدية من تحقيق أهدافها ولذلك فإن خطط الحلفاء تأرجحت بين العمليات فى إتجاه الإسكندرية لما فى ذلك من ميزات مناسبة للإنزال البحرى ووجود ميناء جيد ومطار
إلا أن الإنتقال عبر مناطق كثيفة بالسكان مما يتيح لحرب مدن والمقاومة الشعبية أن توقع خسائر فادحة بالقوات المهاجمة وتطيل من مدة العمليات لزمن لا يمكن تحديد مداه .. وإستقر الرأى أخيراً على إختيار إتجاه بورسعيد حتى يمكن تحقيق هدف العمليات بسرعة فائقة ثم وضع تقدير 6 أيام لتدمير الجيش المصرى وإحتلال بورسعيد والوصول إلى القاهرة ..!!
وذلك بألوية مظلات فرنسية وإنجليزية وألوية مدرعة وميكانيكية مشتركة تضم 38 من الوية الدول الثلاث و750 دبابة و2510 مدافع. ومئات الطائرات - قوات بحرية تضم: بارجة و7 حاملات طائرات و8 طرادات و20 مدمرة و20 فرقاطة و9 غواصات و22 لنش طوربيد و134 سفينة أخرى. - قوات جوية قوامها: 28 سرب مقاتلات و25 سرب قاذفة مقاتلة و23 سرب قاذفات و19 سرب طائرات نقل جوي و10 أسراب طائرات استطلاع وسربان هليكوبتر اقتحام و5 أسراب إمداد جوى
لا أريد أن أطيل هنا فى تفاصيل التعديلات التى أدخلت على خطط العمليات الحربية مما كان يطلق عليها الإسم الرمزى هامبلكار ثم موسكتير ثم موسكيتو المعدلة النهائية التى تقضى بالأتى : ــ
إتمام إحتلال مدن قناة السويس والتقدم إلى القاهرة وإحتلالها كما تقرر ذلك أما خطط القوات المسلحة المصرية فإنها وضعت فى إعتبارها جميع الإحتمالات لغزو العدو سواء كان ذلك من إتجاه الإسكندرية أو بورسعيد أو السويس وجنوبها ولذلك فإن القوات الرئيسية كانت فى منطقة القناة وحول القاهرة ومنطقة الإسكندرية
وما يهمنا فى الأمر هنا هو ما كان منها فى منطقة القناة التى جابهت القوات الفعلية التى قامت بالغزو فسنجد أنها شملت فرقة مشاة ( من ثلاث لواءات) ومجموعة مدرعة ووحدات مدفعية الفرقة والمدفعية الساحلية وكانت موزعة كالأتى ـ لواءان مشاة فى منطقة الإسماعلية والقنطرة شرق وبورسعيد وباقى اللواءان بين القنطرة والإسماعلية مدعوم بقوات مدرعة ـ لواء مشاة فى منطقة السويس ـ المجموعة المدرعة جنوب الإسماعلية ... وبالمقارنة بين هذه القوات وقوات العدوان التى قامت فعلاً بالعمليات نجد أن الموجات الأولى المشكلة من لوائى مظلات ولواء كوماندوز بحرى متفوقة تفوقاً ساحقاً على مجموعة الكتيبة المشاة المصرية فى بورسعيد أما بعد دفع القوات الرئيسية لقوى العدوان بعد بورسعيد وهى الفرقة الثالثة المشاة والآلايان المدرعان والآلاى الميكانيكى الفرنسى فإنها ستواجه بالتجمع الرئيسى لقوات منطقة القناة وتشمل ثلاثة لواءات ومجموعة مدرعة تتخذ مواقع دفاعية منظمة وقوية وستكون القوات المهاجمة معادلة للقوات للقوات المدافعة بنسبة 1 : 1 تقريباً فضلاً عن توقع دفع جزء كبير من إحتياطيات القيادة العامة فى إتجاه هذه المعارك الرئيسية مما قد يجعل التفوق للقوات المصرية
وإذا أضيف إلى ذلك جيش التحرير الوطنى التى شكلت منذ أغسطس 1956 فإن كل ذلك سيجعل مهمة قوات التحالف العدوانى صعباً للغاية وتستغرق وقتاً طويلاً جداً لإتمام السيطرة وهو الهدف الرئيسى من ضربتهم الخاطفة ...
بدأت العمليات كما هو معروف بالإسقاط المظلى للقوات الإسرائيلية فى وسط سيناء مساء يوم 29 أكتوبر 1956 مستفيدة بقرب حلول الظلام وتأجيل إشتباك القوات الجوية المصرية معهم لصباح 30 أكتوبر .. بدأت قوة لواء مشاة مصرى مدعم والقوات الجوية المصرية فى عمليات القضاء على هذه القوة التى كانت أقل من 400 فرد وقد صدرت الطبعات المسائية للصحف العالمية يوم 30 أكتوبر بعناوين
(( القوات المصرية تبيد القوات الإسرائيلية والطيران المصرى يكيل لها الضربات ))
وقامت القيادة المصرية بدفع الفر قة الرابعة المدرعة إلى سيناء شرقاً لمقابلة هذه القوات مما إضطر الإسرائليين إلى طلب النجدة من القوات الجوية الفرنسية المتمركزة فى قبرص وإسرائيل نفسها وقد قامت هذه القوات بتوفير الحماية الجوية ضد الطيران المصرى وكذا إسقاط إمدادات من الجو للعناصر المتبقية من قوة المظللين الإسرائليين ـ كتيبة 890 مظلات ثم ظهر الإنذار الفرنسى الإنجليزى الشهير بالتراجع 10 كلم على جانبى القناة والسماح لقوات بريطانية وفرنسية بإحتلال منطقة القناة للفصل بين المتحاربين وتأمين الملاحة الدولية
... يوم 31 أكتوبر ـ إستمر إشتباك القوات المصرية مع القوات الإسرائلية وقامت القوات الجوية ب 100 طلعة ضد العدو وإستمرت تحركات القوات البريطانية والفرنسية إستعداداً للنزول فى بورسعيد وبدأ القصف الجوى البريطانى الفرنسى بعد الظهر وعلى الصعيد السياسى أصدر الإتحاد السوفيتى بياناً شديد اللهجة يدين فيه العدوان الإسرائيلى وسياسة كلا من بريطانيا وفرنسا ــ
يوم 1 نوفمبر أصدرت القيادة المصرية أمراً بتوحيد جبهات القتال وسحب قواتها من سيناء لمواجهة العمليات الرئيسية للحلف العدوانى وإستمرار القصف الجوى ــ يوم 2 نوفمبر لإستمرار القصف الجوى البريطانى الفرنسى لمطارات بغرض تدمير المطارات والقوات الجوية المصرية وإلى هذه اللحظة لم يكن قد بدأ التمهيد المدفعى للإسقاط البحرى فى بورسعيد .. فهل أوقف قرار الجمعية العامة للأمم والمتحدة ذلك ...؟؟ سنجد الإجابة سريعة وهى بدء التمهيد للإقتحام الفعلى لبورسعيد إبتداءاً من يوم 3 نوفمبر ــ
يوم 3 نوفمبر .. بدأ القصف الجوى المكثف لمدينة بورسعيد وبوفؤاد ضد مواقع القوات المسلحة ومطار الجميل وبطاريات مدافع السواحل وإستمرت القوات المسلحة فى تنظيم دفاعاتها فى كل من بورسعيد كنقطة متقدمة والمواقع الدفاعية الرئيسية إبتداءاً من شمال القنطرة إلى الإسماعلية إلى السويس مستخدمة فى ذلك فرقة المشاة والمجموعة المدرعة وباقى وحدات الفرقة المدرعة التى سحبت من سيناء .... ــ
ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ـ
قبل الإجابة على هذا السؤال المحاط بالأسلاك الشائكة أعترف مقدماً أننى سأخوض حقل ألغام شائك خطر صنعناه نحن بأيدينا حول هذا الموضوع بالذات ـ لأحاول أن أفك طلاسم وألغاز رغم أن الأمر واضح جداً لكننا لازلنا رغم مرور كل هذه السنوات مصرين حتى الأن على إهالة التراب على تاريخنا الوطنى العريق التليد دون أن نكف عن ممارسة جلد الذات وإصدار الأحكام المسبقة والتى تكون حتماً مستعجلة غير متأنية إما أبيض أو أسود
هكذا بدون تروى أو تريث ربما جهلاً أو خبثاً من البعض أو للرغبة فى تصفية حسابات معينة مع أشخاص مقصودين بعينهم أو حقب تاريخية معنية بذاتها بالنسبة للبعض الأخر فى الأدبيات المصرية الشعبية والسياسية العسكرية ..
إعتبرنا حرب العدوان الثلاثى على مصر نصراً سياسياً وهزيمة عسكرية لنا !!! ولشدة ثبوت هذه الفكرة فى رؤوس كثيرين ممن يشتغلون بالصحافة أو السياسة أو حتى بعض العسكريين أنفسهم ! قد يستشيطون غضباً و تعصباً لو سمعوا أو قرأوا رأياً مخالفا لهذه الحقيقة التى جعلناها واقعاً راسخاً خالداً ..
وإذا تكلم شخص ما محاولاً أن يثبت العكس تلقى مائة رد ومائة تعقيب رافض مفند لكلامه ورأيه وكأن الحس الوطنى أو الجمعى لدى بعض الناس قد تحول إلى بقرة لها ألف لسان وليس لها عقل ..!! لقد هزمنا عسكرياً فى حرب 56 أمام 3 دول معتدية هكذا يحاولون أن يغرسوا هذه المقولة المتجنية فى أذهان وعقول الأجيال الناشئة بإصرار علماً بأن مجرد دراسة واسعة متأنية تُجرى عن هذه الحرب البطولية كفيلة بأن تصفعنا على وجوهنا كى نستفيق .. من قال أن مصر هزمت عسكرياً ً يا سادة ..؟؟
يقولون أن التدخل السوفيتى والضغط العالمى الشعبى على الدول المعتدية هو الذى أنقذ مصر بعد تأميمها لقناة السويس فى 26 يوليو 1956 من الإحتلال وأنقذ النظام الثورى بزعامة الرئيس جمال عبدالناصر من السقوط فخرج منتصراً متألقاً مكتسباً مكانة دولية عالمية وسط دول العالم أجمع والعالم الثالث بصفة خاصة .. والأن ..
إسمحوا لى أن أصحبكم فى جولة رائعة لنغوص خلالها معاً فى بحر مقال بديع رائع نشر بجريدة الأهرام عام 1996 بمناسبة مرور 40 عاماً على حرب 1956
اللواء أ.ح / محمد رفعت وهبة ـ زميل أكاديمية ناصر العليا الذى بذل أصدق جهد فى الإجابة من وجهة نظر عسكرية بحتة ـ على التساؤلات المطروحة بالشرح والتفنيد والتحليل نقتطف منها مقتطفات تمثل خلاصة رأى الكاتب اللامع صاحب المقال بالعنوان التالى ... هل أنقذ التدخل الدولى والإنذار السوفيتى مصر ..؟
هذا العام يمر على العدوان الثلاثى البريطانى / الفرنسى / الإسرائيلى أربعون عاماً كاملة ومازال البعض يردد أن مصر هزمت عسكرياً وأن الإنذار السوفيتى الشهير هو الذى أنقذ مصر من هزيمة سياسية أيضاً !!! ولما كان ذلك يبالغ فى تقليل دور القوات المسلحة المصرية والمقاومة الشعبية فى تحقيق النصر العسكرى كما أنه يبالغ فى تعظيم دور الإتحاد السوفيتى والمجتمع الدولى فى تحقيق إنقاذ مصر من الهزيمة العسكرية والهزيمة السياسية فإننى سأتناول بالتحليل وبالتوقيتات وبالحقائق والوقائع ما يثبت أن أطراف العدوان الثلاثى فشلت فى تحقيق أهداف عملياتها العسكرية وانشطتها الدبوماسية ولايمكن أن يسمى هذا الفشل نصراً . كما أن مصر نجحت فى تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية وذلك يرجع إلى كفاءة الخطط العسكرية بصفة أساسية .. فكيف لا يسمى ذلك نصراً ..؟؟ً
أولاً أهداف أطراف العدوان الثلاثى وأهداف مصر
.. 1 ــ أهداف بريطانيا وفرنسا ــ إعادة إحتلال منطقة قناة السويس وإعادة قناة السويس إما دولياً أو بشركة قناة السويس ــ إسقاط نظام الحكم فى مصر ولم يتحقق أى هدف من الهدفين
2 ــ إسرائيل ــ القضاء على قواعد الفدائيين فى سيناء وقطاع غزة ــ فتح الممرات المائية (قناة السويس ومضيق شرم الشيخ) ــ نزع سلاح سيناء ــ إسقاط نظام الحكم ولم يتحقق من هذه الأهداف إلا التمكن من الملاحة فى مضيق شرم الشيخ الذى تمركزت به قوة دولية بموافقة مصر ثانياً أهداف مصر السياسية والعسكرية ــ المحافظة على إستقلال مصر ضد أى عدوان أجنبى ــ عدم تمكين قوات العدو من إعادة إحتلال منطقة قناة السويس وقد تحقق هذان الهدفان وقد خططت قوات الحلف العدوانى الثلاثى لعملياتها الحربية واضعة نصب أعينها ضرورة أن تتم العمليات بضربة خاطفة بحيث يحسم الموقف فى أقصر وقت ممكن حُدد أولاً بخمسة عشر يوماً ثم خفض بعد ذلك إلى ثمانية أيام وذلك لإعتبارين مهمين
أولهما الموقف الدولى المعارض لأى تدخل عسكرى وخاصة من جانب الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتى و الصين الشعبية وتهديد الأخيرتين بإرسال متطوعين للقتال بجانب المصريين
وثانيهما ان القوات المسلحة المصرية وجيش التحرير الوطنى والمقاومة الشعبية المصرية لو لم تتم العمليات بسرعة كبيرة ستتمكن من تنظيم دفاع طويل المدى وحرب مدن وشوارع بما لن يمكن القوات المعتدية من تحقيق أهدافها ولذلك فإن خطط الحلفاء تأرجحت بين العمليات فى إتجاه الإسكندرية لما فى ذلك من ميزات مناسبة للإنزال البحرى ووجود ميناء جيد ومطار
إلا أن الإنتقال عبر مناطق كثيفة بالسكان مما يتيح لحرب مدن والمقاومة الشعبية أن توقع خسائر فادحة بالقوات المهاجمة وتطيل من مدة العمليات لزمن لا يمكن تحديد مداه .. وإستقر الرأى أخيراً على إختيار إتجاه بورسعيد حتى يمكن تحقيق هدف العمليات بسرعة فائقة ثم وضع تقدير 6 أيام لتدمير الجيش المصرى وإحتلال بورسعيد والوصول إلى القاهرة ..!!
وذلك بألوية مظلات فرنسية وإنجليزية وألوية مدرعة وميكانيكية مشتركة تضم 38 من الوية الدول الثلاث و750 دبابة و2510 مدافع. ومئات الطائرات - قوات بحرية تضم: بارجة و7 حاملات طائرات و8 طرادات و20 مدمرة و20 فرقاطة و9 غواصات و22 لنش طوربيد و134 سفينة أخرى. - قوات جوية قوامها: 28 سرب مقاتلات و25 سرب قاذفة مقاتلة و23 سرب قاذفات و19 سرب طائرات نقل جوي و10 أسراب طائرات استطلاع وسربان هليكوبتر اقتحام و5 أسراب إمداد جوى
لا أريد أن أطيل هنا فى تفاصيل التعديلات التى أدخلت على خطط العمليات الحربية مما كان يطلق عليها الإسم الرمزى هامبلكار ثم موسكتير ثم موسكيتو المعدلة النهائية التى تقضى بالأتى : ــ
إتمام إحتلال مدن قناة السويس والتقدم إلى القاهرة وإحتلالها كما تقرر ذلك أما خطط القوات المسلحة المصرية فإنها وضعت فى إعتبارها جميع الإحتمالات لغزو العدو سواء كان ذلك من إتجاه الإسكندرية أو بورسعيد أو السويس وجنوبها ولذلك فإن القوات الرئيسية كانت فى منطقة القناة وحول القاهرة ومنطقة الإسكندرية
وما يهمنا فى الأمر هنا هو ما كان منها فى منطقة القناة التى جابهت القوات الفعلية التى قامت بالغزو فسنجد أنها شملت فرقة مشاة ( من ثلاث لواءات) ومجموعة مدرعة ووحدات مدفعية الفرقة والمدفعية الساحلية وكانت موزعة كالأتى ـ لواءان مشاة فى منطقة الإسماعلية والقنطرة شرق وبورسعيد وباقى اللواءان بين القنطرة والإسماعلية مدعوم بقوات مدرعة ـ لواء مشاة فى منطقة السويس ـ المجموعة المدرعة جنوب الإسماعلية ... وبالمقارنة بين هذه القوات وقوات العدوان التى قامت فعلاً بالعمليات نجد أن الموجات الأولى المشكلة من لوائى مظلات ولواء كوماندوز بحرى متفوقة تفوقاً ساحقاً على مجموعة الكتيبة المشاة المصرية فى بورسعيد أما بعد دفع القوات الرئيسية لقوى العدوان بعد بورسعيد وهى الفرقة الثالثة المشاة والآلايان المدرعان والآلاى الميكانيكى الفرنسى فإنها ستواجه بالتجمع الرئيسى لقوات منطقة القناة وتشمل ثلاثة لواءات ومجموعة مدرعة تتخذ مواقع دفاعية منظمة وقوية وستكون القوات المهاجمة معادلة للقوات للقوات المدافعة بنسبة 1 : 1 تقريباً فضلاً عن توقع دفع جزء كبير من إحتياطيات القيادة العامة فى إتجاه هذه المعارك الرئيسية مما قد يجعل التفوق للقوات المصرية
وإذا أضيف إلى ذلك جيش التحرير الوطنى التى شكلت منذ أغسطس 1956 فإن كل ذلك سيجعل مهمة قوات التحالف العدوانى صعباً للغاية وتستغرق وقتاً طويلاً جداً لإتمام السيطرة وهو الهدف الرئيسى من ضربتهم الخاطفة ...
بدأت العمليات كما هو معروف بالإسقاط المظلى للقوات الإسرائيلية فى وسط سيناء مساء يوم 29 أكتوبر 1956 مستفيدة بقرب حلول الظلام وتأجيل إشتباك القوات الجوية المصرية معهم لصباح 30 أكتوبر .. بدأت قوة لواء مشاة مصرى مدعم والقوات الجوية المصرية فى عمليات القضاء على هذه القوة التى كانت أقل من 400 فرد وقد صدرت الطبعات المسائية للصحف العالمية يوم 30 أكتوبر بعناوين
(( القوات المصرية تبيد القوات الإسرائيلية والطيران المصرى يكيل لها الضربات ))
وقامت القيادة المصرية بدفع الفر قة الرابعة المدرعة إلى سيناء شرقاً لمقابلة هذه القوات مما إضطر الإسرائليين إلى طلب النجدة من القوات الجوية الفرنسية المتمركزة فى قبرص وإسرائيل نفسها وقد قامت هذه القوات بتوفير الحماية الجوية ضد الطيران المصرى وكذا إسقاط إمدادات من الجو للعناصر المتبقية من قوة المظللين الإسرائليين ـ كتيبة 890 مظلات ثم ظهر الإنذار الفرنسى الإنجليزى الشهير بالتراجع 10 كلم على جانبى القناة والسماح لقوات بريطانية وفرنسية بإحتلال منطقة القناة للفصل بين المتحاربين وتأمين الملاحة الدولية
... يوم 31 أكتوبر ـ إستمر إشتباك القوات المصرية مع القوات الإسرائلية وقامت القوات الجوية ب 100 طلعة ضد العدو وإستمرت تحركات القوات البريطانية والفرنسية إستعداداً للنزول فى بورسعيد وبدأ القصف الجوى البريطانى الفرنسى بعد الظهر وعلى الصعيد السياسى أصدر الإتحاد السوفيتى بياناً شديد اللهجة يدين فيه العدوان الإسرائيلى وسياسة كلا من بريطانيا وفرنسا ــ
يوم 1 نوفمبر أصدرت القيادة المصرية أمراً بتوحيد جبهات القتال وسحب قواتها من سيناء لمواجهة العمليات الرئيسية للحلف العدوانى وإستمرار القصف الجوى ــ يوم 2 نوفمبر لإستمرار القصف الجوى البريطانى الفرنسى لمطارات بغرض تدمير المطارات والقوات الجوية المصرية وإلى هذه اللحظة لم يكن قد بدأ التمهيد المدفعى للإسقاط البحرى فى بورسعيد .. فهل أوقف قرار الجمعية العامة للأمم والمتحدة ذلك ...؟؟ سنجد الإجابة سريعة وهى بدء التمهيد للإقتحام الفعلى لبورسعيد إبتداءاً من يوم 3 نوفمبر ــ
يوم 3 نوفمبر .. بدأ القصف الجوى المكثف لمدينة بورسعيد وبوفؤاد ضد مواقع القوات المسلحة ومطار الجميل وبطاريات مدافع السواحل وإستمرت القوات المسلحة فى تنظيم دفاعاتها فى كل من بورسعيد كنقطة متقدمة والمواقع الدفاعية الرئيسية إبتداءاً من شمال القنطرة إلى الإسماعلية إلى السويس مستخدمة فى ذلك فرقة المشاة والمجموعة المدرعة وباقى وحدات الفرقة المدرعة التى سحبت من سيناء .... ــ