المخاطر الأمنية الجديدة…من التهديدات غير المتماثلة إلى الجيل الخامس

F22

الادارة
مشرف عام
إنضم
May 4, 2020
المشاركات
18,672
مستوى التفاعل
12,467
أدى تفوق أنظمة الأمن والدفاع التقليدية إلى دفع الخصوم نحو اتباع أساليب بديلة. وتتضمن مقاربات “المنطقة الرمادية” هذه عددًا لا يحصى من التهديدات الجديدة الموصوفة بكلمات طنانة متعددة، مثل التهديدات غير المتماثلة أو التهديدات الهجينة ومن تهديدات الجيل الخامس وحتى تهديدات ما دون العتبة (sub-threshold). وكل هذه التهديدات تشكل “المنطقة الرمادية” وتستغل أوسع مجموعة من الأدوات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية المتاحة لتحقيق أقصى تأثير ممكن – ولكن دون إثارة رد فعل تقليدي، أو حتى الاعتراف بها على أنها أعمال عدائية رسمية، بحسب تقرير لشركة Qinetiq البريطانية في 28 أيلول/ سبتمبر الجاري.

ويتطلب مواجهة تلك التهديدات تغييرًا كبيرًا في عدد من المجالات – مثل الرغبة في المخاطرة وحتى المعدات والمهارات المستخدمة. وستلعب التكنولوجيا دورًا متزايدًا في كل مجال من تلك المجالات حيث على الدول التكيّف مع الطريقة التي يتصرف بها الخصوم الآن.

نمو حملات المنطقة الرمادية
يمكن لفهم دوافع هذا التحول أن يساعدنا على تحديد أفضل السبل للتكيف مع تهديدات المنطقة الرمادية. الدافع الأول هو زيادة الوصول إلى التقنيات الناشئة حيث يؤدي الانتقال المتسارع للتكنولوجيا الاستهلاكية من المختبر إلى المستخدم إلى تخفيض حاجز الدخول، مما يوفر للخصوم إمكانية وصول أكبر ويسهّل عليهم القيام بالتحدي. أما الدافع الثاني فهو ظهور نظام عالمي جديد حيث تواجه الأعراف والقواعد والاتفاقات والمؤسسات العالمية تحديات متزايدة. الدافع الثالث هو نمو مجالات جديدة. فالسعي وراء التفوق السياسي والإقليمي يحدث اليوم على جبهات مختلفة أكثر من أي وقت مضى حيث بدأ مجالان جديدان، وهما الإنترنت والفضاء، في إعادة توازن القوى بين الجهات الفاعلة الكبيرة والصغيرة.

التقنيات الناشئة تعاني من نقص التمويل: يواصل القطاع التجاري إنفاقه الأكبر على البحث والتطوير
يشير تقرير صادر عن شركة بي دبليو سي (برايس ووترهاوس كوبرز) إلى أنه بينما استثمر قطاع الطيران والدفاع حوالي 25 مليار دولار في عام 2018، استثمرت صناعات الحوسبة والإلكترونيات ما يقرب من ستة أضعاف هذا المبلغ. وفي العام الماضي، استثمرت شركة أمازون وحدها 22 مليار دولار في البحث والتطوير، أي ما يقرب 20 مرة أكثر من أقرب شركة دفاع.


ستة تحديات رئيسية في المنطقة الرمادية
وتكشف تكتيكات المنطقة الرمادية عن وجود ثغرات في القدرات في مجالات الأمن والدفاع، والتي يجب معالجتها من
خلال تبنّي استراتيجية متكاملة تتعامل مع ستة تحديات رئيسية. أدناه، نسبر بشكل أوسع أكثر التحديات خطورة التي
تفرضها حملات المنطقة الرمادية.

التحدّي الأول هو خلق ميزة المعلومات. تعاملت الاستراتيجيات التقليدية مع الصراعات التقليدية، لكن الخصوم الآن يستخدمون تكتيكات قائمة على المعرفة. وقد أصبح من الأولويات الآن فصل الحقيقة عن “الأخبار الزائفة” وخلق روايات مضادة فعالة.

التحدي الثاني هو تحسين المرونة وقدرات التصدّي السيبرانية، والتي لا تزال واحدة من أهم الأولويات لجميع المنظمات والمؤسسات. فهناك أطراف دولية معادية معروفة على الإنترنت، لكن التهديد الكبير والأسرع نموًا هو الجريمة المنظمة الخطيرة.

التحدي الثالث هو تحسين اكتشاف التهديدات. فطبيعة حملات المنطقة الرمادية هي أنها مقنّعة ومخفيّة، لذلك يمكن استهداف المنظمات دون إدراكها لذلك.

التحدي الرابع هو إضافة قدرات متطورة. فعندما تصبح التهديدات أكثر سرّية، تحتاج المنظمات إلى زيادة قدرتها على كشف التكتيكات العدائية التي ينفذّها الخصوم.

التحدي الخامس هو التكيف بوتيرة سريعة. تكافح المنظمات للردّ بسرعة كافية على الطبيعة المتغيرة للتهديدات. ولكن لا تساعد عمليات الشراء الحالية، حيث يمثّل الحجم الكبير للمؤسسة والإجراءات البيروقراطية الحاكمة لها عائقًا.

التحدي السادس والأخير هو طرح واستخدام مهارات جديدة. فالمنافسة في المنطقة الرمادية هي منافسة دائمة ولا يمكن التنبؤ بها. وفي مثل هذه البيئة، يجب ربط التدريب بعمليات حقيقية للتأكد من أنه متناسب معها دائماً.

خمسة أنماط من التصرفات العدائية في المنطقة الرمادية
على الرغم من أن أساليب وتشكيلات تكتيكات المنطقة الرمادية كثيرة، فقد قمنا بتصنيفها في خمسة “أنماط”.

النمط الأول هو الإنكار وهو نمط أساسي في المنافسة في المنطقة الرمادية. فقد يسعى الخصوم إلى تخريب البنية التحتية الحيوية للخصم بأساليب لا يمكن تتبعها نحوهم. والثاني هو عمليات المعلومات. هناك عنصران منفصلان ولكن متكاملان في استراتيجية عمليات المعلومات وهما جمع ونشر المعلومات. النمط الثالث هو استخدام قوات بالوكالة حيث يمكن للمعتدي الاستفادة من قوات دولة أخرى لتحقيق أهدافه. النمط الرابع هو الضغط والإكراه الاقتصادي. هناك طرق عديدة لممارسة الضغوط الاقتصادية، أو الحد من القوة الاقتصادية للخصوم. وأخيرًا، التعدي على الأراضي من خلال تقديم الموارد لبلد ما بذرائع زائفة أو حتى الترحيب بهم كقوات حفظ سلام قبل أن تفرض تلك القوات سيطرتها.

تكييف التقنيات الناشئة لمواجهة تحديات المنطقة الرمادية
في حين أن طبيعة هجمات المنطقة الرمادية تتطور باستمرار، تشير أبحاث كينيتيك (QinetiQ) إلى وجود عشر قدرات تكنولوجية في الخطوط الأمامية تحتاج إلى التطوير من أجل التخفيف من التهديدات.

  1. الذكاء الاصطناعي والتحليلات والحوسبة المتقدمة – القدرة على معالجة كميات هائلة من البيانات بوتيرة تعزز الوعي الظرفي بالموقف. فمن خلال الحصول على البيانات ودمجها من مصادر متعددة، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد المواقع والتنبؤ بالسلوكيات.
  2. الأنشطة السيبرانية والكهرومغناطيسية – يعد المجال السيبراني على الانترنت جبهة حيوية في منافسات المنطقة الرمادية. ومن القضايا الأقل نقاشاً هو هشاشة الطيف الكهرومغناطيسي حيث يمكن تشويش إشارات الاتصالات، بما في ذلك الواي فاي ونظام تحديد المواقع العالمي GPS))، أو يمكن انتحال الهوية لرفض تقديم الخدمة أو للتوجيه الخاطئ.
  3. الأسلحة والأنظمة والمؤثرات الجديدة – هناك مجموعة واسعة من البدائل للأسلحة الحركية، ولكن في سياق المنطقة الرمادية، تعدّ الطاقة الموجهة هي الأكثر صلة.
  4. مصادر الطاقة وتخزينها وتوزيعها – تعتمد معظم قدرات الخطوط الأمامية على الكهرباء. في بعض الحالات، يمكن الحصول على ذلك من الشبكة، لكن السيناريوهات الأخرى تتطلب أنظمة تخزين طاقة عالية التخصص وأنظمة توصيل للطاقة.
  5. الروبوتات والأنظمة المستقلة ذاتية التحكّم (RAS) – في المنطقة الرمادية، القوة الجماعية لأنظمة متعددة توفّر المزيد من الوعي بالأوضاع الدقيقة وتوسّع مجال تأثير المستخدم.
  6. الاتصالات الآمنة و التنقل – تقع الاتصالات في بؤرة كل عمليات المنطقة الرمادية تقريبًا. ويعدّ نقل المعلومات أمرًا أساسيًا لبناء صورة مفصّلة.
  7. الاستشعار والمعالجة ودمج البيانات – مفتاح المنطقة الرمادية هو الوعي: بمواقع الخصوم، وأنشطتهم ونياتهم، والمشاعر العامة والسياسية، والمجالات المادية والرقمية التي تحدث فيها منافسات المنطقة الرمادية.
  8. المواد المتقدمة والتصنيع – تعني الطبيعة المتغيرة بسرعة للمنطقة الرمادية أنه يجب في كثير من الأحيان إدخال القدرات الجديدة إلى الخدمة بسرعة استجابة للتهديدات الناشئة والمتطورة. لذلك فإن القدرة على التصنيع بسرعة وعلى نطاق واسع أمر بالغ الأهمية.
  9. حماية الإنسان والأداء – لا يمكن تقديم قدرات جديدة بشكل آمن أو فعال دون فهم كيفية تفاعل البشر معها أولاً حيث يمكن للاستجابات البشرية غير المتوقعة أن تقوّض مزايا التكنولوجيا.
  10. تصميم وتقييم المنصة والنظام – الدور الأساسي للمنصات الكبيرة هو العمل كرادع ضد العدوان. ولكن، هناك توتر واضح بين عمر الخدمة الطويل والحاجة إلى تكييفها بسرعة لمواجهة التهديدات المتغيرة لذلك يجب زيادة القدرات الأساسية لتلك المنصات بسهولة لخدمة العديد من الأدوار. تغيير طريقة التفكير لمواجهة تهديدات المنطقة الرمادية هناك بعض المبادئ الأساسية التي يمكن أن يستند إليها تنفيذ التقنيات الناشئة للتكيف مع حملات المنطقة الرمادية. وفي حال اعتمادها، فإنها ستضمن توظيف هذه التغييرات للاستخدام التشغيلي وتسريع القدرة على التعامل مع تهديدات المنطقة الرمادية. تطوير نهج متكامل: تهديدات المنطقة الرمادية لا تميّز بين الأطراف، فأصحابها يسعون فقط لتحقيق وسائلهم من خلال استهداف القنوات الأكثر عرضة للخطر. ويدعم الابتكار هذا النهج، مما يتطلب مقاربة منهجية للاختبار والتجريب مع دورة مستمرة من التعلم والتطوير والاعتماد. جعل الابتكار يرتكز على المهمة: غالبًا ما تترك عملية الابتكار اليوم المستخدم النهائي بدون مشاركة كبيرة لرأيه، وتفشل النتيجة النهائية في تحقيق ذلك. يضمن النهج الذي يركّز على المهمة أن جميع الأفكار الجديدة مدفوعة فقط بنتائج المهمة.
يظلّ قطاع الدفاع الذي يكلّف ملايين الدولارات مهمًا كرادع، ولكن في المنطقة الرمادية، يجب أن يشكل جزءًا ضمن مجموعة من التكتيكات.
في بعض الأحيان، قد يوفر ذلك ميزة قليلة ضد الأجهزة المرتجلة منخفضة التكلفة، أو تهديدات المنطقة الرمادية الأخرى مثل الهجمات الإلكترونية. وقد ظهر عدم التماثل هذا بشكل جليّ من خلال الحالة التي وقعت في عام 2017 عندما تم استخدام صاروخ باتريوت بقيمة 3 ملايين دولار لإسقاط طائرة استهلاكية بدون طيار قيمتها الحقيقة 200 دولار.

التدرب على “التجريب الإيجابي”: هذا يتطلب تحوّلاً في طريقة التفكير، وهو ما يحفز مقاربة أكثر منهجية للابتكار. وهناك حاجة إلى دورة مستمرة من التعلم والتطوير والاعتماد.
.
جعل الاختبار دائمًا وديناميكيًا: للتماشي مع الوتيرة التي تتغير بها التهديدات، هناك حاجة لإجراء عمليات اختبار وتقييم أكثر ديناميكية.

تشجيع بيئة تصميم مفتوحة: البنية الحالية للتصميم تجعل من المستحيل تعديل الأصول الحالية بسرعة من أجل التكيف مع تهديدات المنطقة الرمادية. وهكذا يمكن أن توفر البنى المفتوحة القدرة على توفير ابتكارات جاهزة بخاصية “التوصيل والتشغيل الفوري” مع كل ابتكار جديد.

تبني فلسفة تدريب جديدة: يجب أن يكون التدريب عملية مستمرة، وليس نشاطًا ثابتًا. وهذا يسمح للمنظمات بالتكيّف باستمرار مع التغييرات في البيئة ودمج مهارات جديدة في عملياتها.
 

الاعضاء الذين يشاهدون الموضوع (المجموع: 1, الاعضاء: 0,الزوار: 1)

أعلى